الرئيسية / مقالات و دراسات / حوارات جزائرية / جزائري عائد من النصرانية يروي حكايته …كنت نصرانياً ولله الحمد عدت

جزائري عائد من النصرانية يروي حكايته …كنت نصرانياً ولله الحمد عدت

Print Friendly, PDF & Email

م.ع في حوار خاص جداً نسأله عن التنصير، عن الإنجيل عن الحياة المسيحية كيف دخلها و كيف عاد منها…وأسئلة أخرى .

س: بداية كيف كانت البداية؟

ج: هي على كل حال البداية كانت فضولا حيث بدأت ألتقي بالمسيحيين كنا نتباحث في المسيحية مدة أيام حتى اقترحوا علي الحضور معهم في الكنيسة فذهبت وحضرت اجتماعين، وأتذكر في الاجتماع الثاني التقيت بأحد المتنصرين، وكان أستاذ في التربية الإسلامية مما أثر في كثيرا، كيف لأستاذ يعرف الإسلام وينتصر؟!

ثم سلموني ورقة بها تناقضات على الإسلام، فقمت أبحث عن الإجابات على هذه الشبهات، ومما قمت به أنني توجهت إلى إمام المسجد وكل همي أنه سيجيبني على هذه الشبهات لأضرب بها وجه المنصرين.

وكانت المفاجئة عند وصولي إلى الإمام أن قام بتمزيق الورقة أمامي، واكتفى بقوله (دعك من هؤلاء الناس) ولما ألححت عليه رفض الإجابة بحجة أنها شبهات كثيرة لا معنى لها.

لكن كان لها معاني كثيرة، مما تركني أرجع خائبا،لأن المنصرين عند نشر شبهاتهم بين العوام يتحدونهم بإيجاد الردود عند أئمتهم ومشايخهم، وللأسف هذا الذي وقع لي.

ثم توجهت إلى إمام آخر لأطلعه على نشاط المنصرين في نشر الشبهات واقترحت عليه أن يرد على بعضها في الدروس، فاعتذر إلي بأنه لو فتح باب الردود فإنه لن يتوقف وهو أمر ليس بالمهم، وأن هؤلاء القوم لا يمثلون خطرا على الإسلام والمسلمين، فأجبته أن المشكل ليس في الشبهات ولكن في الناس المستهدفين حتى يكسبوا ثقة في دينهم بحيث لو أجبت على 5 أو 6 شبهات فإنه يتيقن أن لكل شبهة جواب، حتى وإن كان لا يدري التفاصيل.

فلما وجدت كل الأبواب مغلقة من طرف الأئمة الذين كنت أظن أنهم هم حماة الإسلام قررت أن أواجههم بمفردي، النية كانت صادقة، لكن بلا علم ولا فقه في الدين، إلا الغيرة عليه، فكنت ألتقي بالمنصرين ومن كثرة اللقاءات والاحتكاك بدأت أتأثر بمعاملتهم الحسنة معي ومع الناس، إضافة إلى تلك الشبهات التي أثقلت كاهلي ولم أجد لها جوابا .

أتذكر وأنا ذاهب مع أحد المنصرين إلى الكنيسة ونحن داخل الحافلة نتحدث عن المسيحية، فألتفت إلينا رجل مسن وشتمنا وعيرنا في ما كنا نتحدث فيه فغضبت من تصرفه وعزمت أن أرد عليه فأمسك ذاك النصراني بيدي وقال للشيخ : الرب إيباركك، فقلت له لماذا لا ترد عليه، فأجابني أن المسيح يأمرنا أن”وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعدائكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضكم، وصلوا لأجل الذين يسيؤون إليكم ويطردونكم” متى 5:44، فتأثرت بهذ الموقف وهذه التعاليم الرفيعة.

ومن هنا بدأ في نفسي أسلوب المقارنة بين معاملات المسلمين الشديدة ومعاملة النصارى السمحة “هكذا لكل شجرة جيدة تضع ثمارا جيدة، وأما الشجرة الرديئة فتضع أثمارا رديئة” متى إصحاح 7 الآية 16-17.بمعنى أن المسلم هو ثمرة للشجرة السيئة والشجرة السيئة هي الإسلام.

ومما زاد تمسكي بالتقرب إليهم، ما كان يقال ويروج عنهم من طرف المسلمين في أخلاقهم، كان غير موجودا في الحقيقة، فقلت في نفسي من هو الكذاب إذا؟… المسلمين. والمسلمون من هم؟ هم الذين يمثلون الإسلام هذا ثانيا.

وثالثا: أثناء مخالطتهم ومشاركتهم الصلاة والموعظة ودراسة الكتاب المقدس الذي صادف جهلي بالإسلام وجهلي بأساليبهم في تغييب العقل ومخاطبة العواطف، وما أدراك ما العواطف.

وعامل الوقت الذي دام 3 سنوات من المخالطة قررت الدخول في النصرانية.

س: كيف كان القرار بالتحول إلى المسيحية وكيف تم ذلك ؟

ج: يوم قررت أن أؤمن بالمسيح ذهبت إلى أحد الناشطين المنصرين وأخبرته أنني قبلت المسيح في حياتي فماذا يجب علي أن أفعل؟ ففي الإسلام يجب أن نغتسل ونشهد ونصلي، فماذا أفعل ؟

فقال : لا شيء إنك قبلت المسيح هذا كل شيء.

ومنذ اللحظة التي أخذت فيها قراري تغيرت في تفكيري وشعوري وأحسست بطمأنينة وسلام، وكنت أنظر إلى الناس بطريقة مغايرة وهو شعور مؤقت طبعا، لكنه إحساس جميل، أحب كل الناس.

وفي أحد المرات ذهبت إلى الكنيسة لأول مرة كنصراني، حضرت الاجتماع ولما انتهت الصلاة لاحظت المسيحيين داخل القاعة يتبادلون التهاني فيما بينم، وترى الأسر والعائلات كأنهم من جسد واحد في المحبة والود والاحترام، رجعت إلى المنزل وأمسكت مباشرة الإنجيل لاقرأه.

ثم المسألة التي زادت في تمسكي هي تعامل المسلمين معي حين أعلنت عن تنصري فالبعض يدعوا لإقامة الحد علي والثاني يعير والثالث يلمز ويهمز الخ.

وكل هذه التصرفات زادت من عزيمتي وقوتي وتمسكي بالعقيدة الجديدة، لأني كلما رجعت إلى الكنيسة وأخبرتهم بما يقع لي يجيبونني بهذا النص من الانجيل: “جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يظطهدون””سموناوس إصحاح 3 الآية 12″و “سيخرجونكم من المجامع بل تاتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله” “يوحنا إصحاح 16 الآية2”.

فأطمأن وأستسلم لأن هذا هو طريق الرب كما أخبروني.

س: هل هناك دعاك من الأئمة والدعاة للعودة ؟

ج: المشكلة حتى لو دعوني ما كنت لأستجيب، فكل من تكلمت معه من المسلمين الملتزمين أو مع الأئمة يزيد في تمسكي بالنصرانية، والسبب أنك حين تتكلم معهم تجدهم لا يفهمون شيئا في النصرانية، ويستدلون بأقوال في غير محلها، تفهم من خلالها أن الإسلام إن كان حقا من عند الله “وهو كذلك طبعا” فإن هذا المتحدث لا يفهم كتابه، لأنه يأتيك بمفاهيم لا توجد لا في الكتاب المقدس ولا في الحياة المسيحية وهذا ما يزيد من تمسكي لأنني أتحدث وأناقش ناس لم يعرفوا ولم يفهموا رسالة المسيح.

ومما زاد تأكدي لهذه القضية أني استمعت مرة لأحد المشايخ المعروفين وكنت أقدره وأحترمه قبل تنصري، يحكي قصة أنه كان في أحد بلدان أوروبا يناظر في قس وقسيسة وقال لهما: لماذا الله له ابن ؟، فرد القس: لأن الله يحب الأولاد، ثم قال الشيخ: لماذا إذا كان الله يحب الأبناء فلماذا لم ينجب 30 أو 40 ؟، لماذا أنجب 1 فقط لماذا ترك أمه تموت ؟، فقالت له القسيسة: صحيح، ودخلت الإسلام.

قصة إذا سمعها نصراني يضحك على مستوى المسلمين، وهذا الكلام ليس من المسيحية في شيء، إضافة إلى ما يشيعونه من أن الكنيسة تعطي أموالاً فهذا كلام لا أساس له من الصحة، ثم أغلب الناس وأنا كنت واحدا منهم ليس عندي طموح للذهاب إلى الخارج ولم أتنصر من أجل المال، بل دخلت واعتنقت النصرانية بحثا عن الله وعن الحق والحقيقة،

وأزيدك معلومة أن المسيحي أو المعتنق هو الذي يعطي من مدخوله 10% وليست الكنيسة هي التي تعطي للمعتنق “وكل عشر الأرض من حبوب الأرض وأثمار الشجر قداس للرب” اللاويين 27 الآية30.

س: كيف حتى وجدت نفسك اندمجت في النصرانية وتعلقت بها وبالإنجيل ؟

ج: هي في الحقيقة مراحل تمر بها دون شعور بهذه النقلة.

فبعد تشكيك في معتقدك القديم بأسلوب الشبهات حول الإسلام تناقضات في القرآن، أخطاء تاريخية وعلمية وتشريعية، فضائح في السنة وفي شخص النبي صلى الله عليه وسلم ووو، في الوقت نفسه يتعاملون معك (لأنك مستهدف طبعا) معاملة حسنة وجيدة إلى درجة تشعر بالفرق الكبير بينهم وبين المسلمين وهذا ما يجعلك تميل وتطمئن إليهم”أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم” ويربطون كل هذه المعاملة أنها ثمرة الكتاب المقدس وتعاليم المسيح”الله محبة” “أحبوا أعدائكم” “باركوا على الذين يضطهدونكم، باركوا ولا تلعنوا””رومية 14:12”.

ثم بطريقة عجيبة تجد نفسك شغوفا في قراءة الإنجيل متشوقا لتذوق معانيه (عملية برمجة) تفتح الإنجيل وتقرأ وتقرأ وتقرأ لكن المشكلة التي تجدها أمامك في بادئ الأمر، هي أنك وكأنك تقرأ رواية أو كتاب عادي لا يؤثر لا من قريب أو من بعيد، وعندما تصارح القس “وهنا تبدأ عملية غسل الدماغ وتجميد العقل” يقول لك القس أنك دخلت بيتا بدون مفتاح، إن شرط فهمك للكلمة وتذوقك للمعاني هو الإيمان، وأنت تقرأ بدون إيمان”آمن ترى مجد الله” “لذلك أعرفكم أن ليس أحد وهو يتكلم بروح الله يقول يسوع أن تيما، وليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس”كرتوس 1-12-03”.

س: ما ذا عن المسائل التي تطرح أسئلة وإشكالات، مثل مسألة التثليث وغيرها؟ كيف تعاملت معها؟

ج: نعم وقد حدث لي مثل هذا وتحدث لكل نصراني، وعند طرحك للإشكال، سيجيبك القس لكنك ستفهم بالروح، هناك أمور لا تفهما الآن وكلما تبقى مع الله تزيد معرفتك بأسراره، أي الله يعطيك على حسابك [الله يعطيك (الإيمان) دون بحث سلم له الأمر فقط ولا تستعمل تفكيرك وعقلك].

ثم مع مرور الوقت : مع مرور الوقت تجد نفسك لم تفهمها بعد، وتتحرج من إعادة السؤال لهذه المسألة لأنك تصبح عرضة للتهمة وأنت مسيحي منذ 3 سنوات ولم يحل فيك الروح بعد!

والإنجيل يقول “وأماأانتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم إلى أن يعلم أحد بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء وهي حق وليست كذبا كما علمتكم تثبتون فيه” “يوحنا الأولى 27:2.فتصبح في إحراج إذا أعدت طرح الإشكال والسؤال.

فتكون ملزما بأن تقبل بالتثليث

ولهذا إذا سألني شخص عن التثليث أقول له نعم أنا فهمته وقبلته، وإذا سألني كيف أجيبه بالروح، وأنا أصلا لم أفهمه ولن أفهمه أبدا ولن يفهمه أحد.

وهناك أمور كثيرة غير مفهومة مثل التثليث وألوهية المسيح، وإذا أردت فهمها يقولون لك: حين تقرأ آية وتريد فهمها صلِّ، ويمكن أن تبقى ساعة وأنت مغمض العينين تتأمل وتنتظر حتى تجيب أنت بنفسك وتفسرها وحدك ظنا منك أنه روح القدس هو الذي ألهمك الفهم.

لكن المشكلة أنك تجد كل واحد يفهمها بشكل معين يختلف عن الآخر، ويبررون هذه المسألة بأن الكتاب المقدس ليس كالقرآن كلام بشر وهو محدد وليس من الله أما الإنجيل فهو كتاب حي يتأقلم مع أي إنسان وأي زمان وأي عقل، أي أن الله يتكلم مع كل واحد على حساب مستواه وحسب تفكيره، كما أنني اليوم أفهم الآية من الإنجيل بطريقة وغدا يفهمها لي الرب بطريقة أخرى لذى يقولون :”الكلمة دائما حية والرب دائما يكلمكم” كلام من عسل هروبا من الحق والحقيقة.

س: بأي لغةكانوا يتعاملون في الكنيسة أنت مثلا مقيم بالعاصمة ؟

ج: يستعملون ويتكلمون ويستغلون كل اللغات، “صلِّ باللغة التي تفكر بها” هكذا أجابني القس عندما سألته.

وكل منطقة أو جهة تستعمل في صلاتها وترانيمها لغتها ولهجتها المحلية حتى في الآلات الموسيقية وطباعها ومقاماتها.

فتجد الترانيم والأناجيل بكل اللغات وحتى اللهجات فهي متوفرة بالعربية والدارجة، وبالأمازيغية ولهجاتها : القبائلية، الشاوية ، الترقية ، الشلحية… وبالفرنسية، والإنجليزية ووو وأفلام ورسوم متحركة بالصوت وبالصورة حتى أنهم يعطون المسيحيين الجدد وخاصة الذين لا يحسنون القراءة جهاز يعمل على الطاقة الشمسية وبداخله أكثر من أربع لغات لسماع الأناجيل.

altalt

ويستغلون هذا النوع في استعمال اللغات باتهام الإسلام أنه يفرض اللغة العربية على كل أتباعه ويحارب اللغات الأخرى لأنها دعوة إنسانية وبشرية عكس المسيحيين الذين يقولون أن هدف الله هو أن تعبده كما أنت فالغاية هي عودتك إلى المسيح.

والظاهرة الخطيرة هي إدخالهم مصطلحات وعادات مسيحية نصرانية في التراث الجزائري الذي سيكون له تبعات خطيرة للأجيال القادمة في المستقبل.

س: وعلى من يتم التركيز في التنصير ؟

ج: كل الفئات الكبار والصغار الجامعي العامل و البطال، إلا أنهم يركزون على الناس العاديين في فهم الإسلام فهم لا يقصدون ولا يستهدفون من كان له علم وثقافة واسعة في الإسلام بل يستهدفون الجمهور الكبير من الناس وهم عاديون وثقافتهم الدينية محدودة لأنهم فريسة سهلة لغسيل دماغهم وتحويلهم إلى النصرانية.

alt

س: وماذا عن المثقفين دينيا ؟

ج: تعاليم المنصرين أنهم ينصحونك وأنت جديد أو قديم أن لا تدخل في صراعات وجدال مع المسلمين بحجة واهية بقصد تجنب مواجهة من قد يكشفون لك الحقيقة “حين يكون عندك جواهر لا ترمها…” لأن هذا الدين جوهرة أعطيها للإنسان الذي يستحقها، وطبعا من خلال هذه الخطة ستصطاد الإنسان الضعيف.

س: هذا في الدعوة لكن في الحوار مع المسلمين ؟

ج: المناظرات والحوارات لا تدخل معهم، هذه هي التوجيهات”وأما المباحثات الغبية والأنساب والخصومات والمنازعات الناموسية فاجتنبها فإنها غير نافعة وباطلة. الرجل المبتدع بين المرة والمرتين أعرض عنه” “رسالة تيطس3 الآية 9-10”.

الذي يريد أن يعرف المسيحية نفتح معه باب الحديث، أما أن تدخل في نقاش فلا، والجدال لا تدخل فيه.

مثلا وقعت لي قصة مع قس الكنيسة التي كنت أذهب إليها أن عاتبني: لماذا أصطحب معي إلى الكنيسة كل من هب ودب يوم الاجتماع للصلاة أين يأتي ويحضر كل أعضاء الكنيسة، وقال لي:

لا تأتي بهم يوم الصلاة بل في أيام الأسبوع نتحدث معهم، فإذا كان مجرد باحث ومتشوق لمعرفة المسيح نحضره معنا، أما إن كان غير ذلك فلا نريده. وكنت أقول في نفسي وللقس: دع الناس يأتون ويعرفون الله لأننا لا نقوم بعمل محضور أو ممنوع بل نحن في خدمة الرب.

س: متى بدأ عقلك يتحرك ؟

ج: العقل لم يتوقف عن التفكير بل قل متى بدأت أستمع إليه ؟!

الشرارات الأولى: يوم بدأت أكتشف أن صور المحبة والمودة والمثالية التي كنت أراه في تلك الأسرة الجديدة ما هي إلا سراب، بل هم أشخاص عاديين مثلهم مثل كل الناس يصيبون ويخطئون يحسنون ويسيئون، يسيئون الظن، يعبثون فيما بينهم، يحبون المال والمادة الخ….

وكلما تساءلت وطرحت السؤال عليهم،لماذا إذا رأينا مسلما يرتكب خطأ نتهم الإسلام”من ثمارهم تعرفونهم…، هكذا لكل شجرة جيدة تضع ثمارا جيدة، وأما الشجرة الرديئة فتضع أثمارا رديئة” متى إصحاح 7 الآية 16-17. وعندما يرتكب النصراني خطأ يقولون لا هذا من النفس فلماذا الكيل بمكيالين نخطئ هذا ونبرأ ذاك.

وفي الحقيقة ووفق تعاليم الإنجيل فإن الأولى الذي لا يحق منه الوقوع في الخطأ هو النصراني، لأن المسيحي مشبع بروح القدس، فإذا كان فيك روح الله لا يمكن أن يكون فيك روح الشيطان، ولن تصدر منك الخطيئة لأن روح القدس يبكتك (يعصمك) عن الخطيئة.

وإذا فتحنا باب التناقضات فإن الحديث لن يتوقف وسنفتح ملفا ضخما لن يستوعبه هذا الحوار.

والسبب الآخر الذي ساعدني في السماع للعقل أني كنت أتعمق في بحثي ولم ألتزم بكنيسة واحدة بل كنت أتنقل إلى عدة كنائس ففوجئت بأن كل كنيسة تكذب الأخرى وتتهما بالهرطقات وأعمال الشيطان لآنها تقوم بفعل المعجزات والخوارق، والمشكلة أن الإنجيل يقول “الشيطان لا يقدر على صنع المعجزات”.

وإذا كان ذلك المسيحي يصنع فيه الشيطان، فهذا لا يصلح مع مسألة أخرى وهي كي تتمكن من قول أن عيسى هو ابن الله ، لا يمكن أن تقولها دون أن يحل فيك روح القدس، وبدونه لا يمكن أن تعلنها.

فإذا استطاع إنسان أن يعلن أن يسوع هو الله وابن الله معنى ذلك أن فيه روح الله، و لا يمكن أن تكون فيه روح الشيطان، فإذا صنع معجزة فتلك روح القدس هي التي صنعتها وليس الشيطان، أما إذا كان بمقدور الشيطان أن يكون فيه، فإن روح القدس غير موجودة وإذا كان غير موجود فإن هذا الإعلان ليس بالضرورة روح القدس.

س: كيف تغير قراءتك للإنجيل بعدما كنت تسأل عما فيه بحجية أن روح القدس سيجيبك ؟

ج: الإنجيل أو الكتاب المقدس كنت أقرأه حرفيا فهو غير معقول لكن هي تفاسيري أنا من كان يفسرهاوكنت أنسبها لروح القدس، كما برمجت، لأني بمجرد تسليمي الأعمى لكل ما في الكتاب المقدس كنت أجد تفسيرات وإجابات للتناقضات التي كنت ألتقي بها فأعطيها مفهوم آخر لا يتفق مع مفهوم اي نصراني آخر، فعندما ألتقي بنصوص من الإنجيل التي يتحدث فيها المسيح كإنسان، أقول ويقولون لك : لا بل المسيح فيه شخصيتان لاهوت وناسوت وهلم جرّ.

طبعا، في بادئ الأمر ولتخذيرك لن يتكلموا معك لا من قريب ولا من بعيد عن هذه الأمور الألوهية، البنوة والتثليث ويقولون هذه أمور روحية لا يمكنك فهمها بالتفكير الحسي (العقل) ويركزون على كسب العواطف بالنصوص الجميلة الجذابة من أقوال السيد المسيح عليه السلام، وقديما قالوا “كسب العواطف قبل كسب المواقف”.

س: ومن الناحية النفسية وأنت لا تزل نصرانيا وتمر بمثل هذه الاكتشافات كيف كنت تشعر ؟

ج: هذا هو الأمر الأصعب لأنك تصل إلى درجة الشك فيما كنت تعتقد أنه الحق اليقين، كل هذا بسبب تحكم العاطفة وحدها وتغييب العقل فإن الإحساس واتخاذ القرار يكون صعبا جدا, أن تترك ذلك الاحساس الذي كنت تشعر فيه بالأمان في لحظة من الزمن،وبين حالة أخرى أنك لا تقبل أن تعود إلى الواقع الحقيقي وتتمنى أن لا تخرج من هذا العالم وإن كان صرابا، لا تقوم بأي جهد والله يحبك صليت أم لم تصلي.

لكن شيئا ثانيا فيك وهو العقل يزعجك ويحركك ويخرجك من هذه الراحة المزعومة ويضعك في أرض الواقع، صراع مرير داخلك بين عواطف كذابة وعقل لا يقبل المساومة وأنت بين هذا وذاك وهي حالة وصراع قاسي بداخلك.

ثم ما يزيد الصراع ألما والطين بلة إذا خرجت من المسيحية فأين أذهب أعود إلى الإسلام ذلك الدين المليء بالتناقضات والسلبية، هذا الدين الذي أصبحت أراه أسودا مشوها !؟

لم يبقى لي إلا الإلحاد وهذا مستحيل لأنني لم تكن عندي مشكلة في وجود الله.

فكثير من المتنصرين يصلون إلى هذا الصراع فمنهم من يستسلم ويقبل بما هو فيه على الأقل محبة ونجاة بلا عمل، ومنهم من يلحد، ومنهم يقع في حالة كآبة ومرض نفسي/ ومنهم من يقاوم ويقبل التحدي ويسعى إلى الأمام حتى يعود إلى الإسلام.

أتذكر أنني في تلك الأيام أستنجد بالأخوة في الكنيسة، فعلاقتي بالرب لم تكن مثل ما كانت عليه من قبل، فكنت أطلب من الرب أن يكلمني فإن كنت أخطأت سأتوب فما هو المشكل ؟

فيجيبونني الأخوة: المشكل أنك لا تجلس مع الرب.

فأتحدث إلى الرب، أجلس 3 إلى 4 ساعات على ركبتي وأطلب منه أن يكلمني، لكن لا رد ولا جواب.

بعدها استنتجت أن هذا الإله لا يوجد، وبدأت أسترجع ذاكرتي إلى الوراء “لما كنت في بدايتي جاهلا بالتعاليم والكلمة كنت قبل أن أنطق أرى أمورا أفسرها أن الله كلامي، أصلي تتحقق صلاتي في الحين، ولما تعمقت في الكلمة وصرت أطبق تعاليم المسيحية لم تعد تجري لي تلك الأمور.

وكلما تعمقت في النصرانية كلما زادت معرفتي بباطلها وضلالها.

بعدها استنتجت أن المسيحية الحالية هي “أن تقول فقط عيسى ابن الله وهي من شروط الإيمان والخلاص” قبل المعمودية بالماء، قبل أن يغطسك القس في الماء يسألك يا فلان هل تؤمن أن عيسى هو ابن الله وصلب ومات ثم قام بعد ثلاثة أيام ووو… فتقول نعم آمنت، فيعمدك باسم الآب والابن والروح القدس.

هذا هو العقد، العقد مع الشيطان، وتكون في الحقيقة أنجزت هدف الشيطان في إيقاع ابن آدم في الشرك بالله تعالى.

لأنه عند النصارى بمجرد هذا العقد تحرم عليك جهنم، وحتى لو أخطأت في الحياة فالمسيح قد حملها في الصليب معه، بمعنى أني لن أحاسب لأن المسيح حمل الخطايا عني.

س: إذن بدأت في فقد الثقة بالكنيسة وفي رجالها فشغلت العقل وبدأت تبحث عن سبل للخروج، ما هي الخطوات التي جعلتك تخرج.. أي الخطوات العملية ؟

ج: الدخول مثل الخروج كان صعبا وقرارا مفاجئا لأنك في حالة لا أنت قادر على إتمام المشوار ولا قادر على الرجوع، ترى أنك قد خسرت الإسلام فأين أذهب ؟

لكني رجعت إلى الإسلام الذي أكتشفت أن كل الشبهات التي لفقت له عمدا كانت كذبا وزورا، وبأساليب ومراوغات شيطانية لا يكفي حوارنا هذا في سرد هذه التجربة والأساليب والتقنية التي يستعملونها.

قلت: وصلت إلى المنزل وحالتي كما وصفت لكم، عدت إلى الإسلام هروبا إليه ملتجئا، اغتسلت وصليت ركعتين ووضعت قرصا مضغوطا للقرآن الكريم ونمت ولما استيقظت في الصبح، كنت شخصا مختلفا تماما وكان ذلك الشخص الذي قضى 05 سنوات في النصرانية اختفى تماما، كانت رقية مباركة.

س: كيف كانت ردة فعل العائلة ؟

ج: المشكلة أني لم أكن أفكر نهائيا في الهم الذي سببته لهم، وعند إسلامي فقط علمت أنهم عانوا كثيرا كيف لا وفلذة كبدهم في ضلال مبين، بعدها كان الوالد يحكي لي أنه كان كثيرا ما يقوم من النوم مفزوعا من شدة الكوابيس التي كان يراها بسببي، أسأل الله أن يغفر لي وأن يوفقني في إرضائه.

وأتذكر مرة أن جدتي التي كانت تنصحني وتدعوني للرجوع إلى الإسلام، قلت لها مرة: يا جدتي تخيلي لو عدة ومت ثم دخلت النار؟ فأجابت جواب الأم الحنون: على الأقل نكون مجتمعين غير متفرقين!

فخروج ابنها من الدين معناه افتراقه عن الأهل والأصل.

أتذكر أني ذهبت إلى الوالد بعد تلك الرقية المباركة وكان وقت صلاة المغرب أسأله عن وقت صلاة الفجر. فقال لي: لماذا؟ قلت له: أريد ان أصلي فقط. فقال لي: صل الآن الآن، ولو لم يدخل الوقت… قال ذلك فرحاً بعودتي.

توضأت وذهبنا سويا إلى المسجد وفي الطريق بدأ ينصحني والفرحة بادية في وجهه، لا تنظر إلى سلوك وتصرفات المسلمين ضع ثقتك في الله، ودخلنا المسجد لأصلي المغرب وقد تعودت على صلاة النصارى في الكنيسة على نغمات القيثارة فلما وقفت للصلاة انتابني شعور وخشوع غريب وأحسست لأول مرة بعظمة أمام من أقف وأتوجه.

س: كيف استقبلك المسلمون ؟

ج: أنا والله لا يهمني أحد، إلا كلمة التوحيد “لا إله إلا الله محمدا رسول الله” وأمامها كل شيء يهون.

للتواصل مع الأخ العائد للإسلام

babiha2014@hotmail.com

حاوره: فريد شكيرو – عمار رقبة الشرفي

عن عمار رقبة الشرفي

- مجاز في القراءات العشر المتواترة من طريق الشاطبية والدرة. - مجاز في الكتب التسعة بالسند المتصل وبعدد من كتب الحديث الشريف. - شهادة تخرّج في العلوم الشّرعية والعربية من معهد بدرالدّين الحسني بدمشق. - شهادة الدّورة التّأهيليّة للدّعاة. - إجازة تخرج (ليسانس) من معهد الدّعوة الجامعي (فرع دمشق) في الدراسات الإسلاميّة والعربيّة. - ديبلوم ماجيستير في الفقه المقارن (تحقيق جزء من كتاب عيون الأدلّة - للقاضي أبي الحسن علي بن أحمد المالكي البغدادي المعروف بابن القصار (ت :398هـ - 1008م- قسم المعاملات. - مؤسس ومدير معهد اقرأ للقرآن وعلومه، باب الزوار- الجزائر العاصمة http://iqraadz.com/ - المؤسس والمشرف العام على موقع المكتبة الجزائرية الشّاملة http://www.shamela-dz.net/

شاهد أيضاً

عمّار رقبة الشُّرفي المشرف العام على موقع المكتبة الجزائرية الشاملة في حوار لجريدة الوسط الجزائرية

1- أولا نريد تناول باب حقوق الملكية الخاصة بالكتب ضمن المكتبة الجزائرية الشاملة، هل هناك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *