السؤال: ما حكم من استغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم؟
الجواب:جاء في الأثر: «تَوَسَّلُوا بِي، فَإِنَّ جَاهِي عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ»([1])، غير أن أهل الحديث ضعفوه، وقد قال من أجاز العمل بالحديث الضعيف: إنه يعمل به في فضائل الأعمال، أما الأحكام فلا يعمل منها إلا بما كان صحيحا أو حسنا أو ظاهرا أو مؤولا.
وعليه فإن كان من باب الدعاء جاز ذلك، لأن الاستغاثة والسؤال هما دعاء أي طلب، وهو طلب الشفاعة سائغ، إذا كان من عارف يفرق بين من يؤثر كالخالق، وبين من لا تأثير له كالمخلوق.
وقد استعمل العلماء العارفون الاستغاثة كالعارف بالله البوصيري في قوله في بردته:
يَا أَكْرَمَ الْخَلْقِ مَا لِي مَنْ أَلُوذُ بِهِ | سِوَاكَ عِنْدَ حُلُولِ الْحَادِثِ الْعَمِمِ([2]) |
وفي قوله أيضا:
إِنْ لَمْ تَكُنْ فِي مَعَادِي آخِذًا بِيَدِي | فَضْلاً وَإِلاَّ فَقُلْ يَا زَلَّةَ الْقَدَمِ |
حَاشَاهُ أَنْ يُحْرَمَ الرَّاجِي مَكْرَمَةً | أَوْ يَرْجَعَ الْجَارُ مِنْهُ غَيْرَ مُحْتَرَمِ([3]) |
ومثله كبار الصوفية رضوان الله عليهم، والله أعلم.
الهوامش:
([1]) لم أقف عليه في أي كتاب من كتب الحديث.
وذكره ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (2/433)، وقال: ((حَدِيثٌ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا هُوَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمُسْلِمِينَ الْمُعْتَمَدَةِ فِي الدِّينِ)).
وراجع: كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص 275)، مجموع الفتاوى (1/319).
كما ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (1/76)، وقال: لا أصل له.
غير أن ثمة آثارا تدل على مشروعية التوسل منها:
ـ أنه صلى الله عليه وسلم كان من دعائه: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ». وهذا توسل لاشك فيه.
أخرجه ابن ماجه (1/256، رقم 778)، والإمام أحمد (17/248 ـ 249 رقم 1156)، والطبراني في الدعاء (ص 149، رقم 421)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (ص 75، رقم 84)، والبيهقي في الدعوات الكبير (1/125، رقم 65).
والحديث وإن ضعفه جماعة كالبوصيري في مصباح الزجاجة (1/98، رقم 295)، والألباني، ومحققي المسند وغيرهم، فقد حسنه ابن حجر كما نقل عنه ابن علان في الفتوحات الربانية، والعراقي في تخريج أحاديث الإحياء (ص 384)، وأحمد ابن زيني دحلان في الدرر السنة (ص 25).