مما يُروى عن شيخنا محمد بلكبير جدد ربنا عليه رحماته أنه كان يستقبل كل يوم عشرات الضيوف الوافدين إليه من داخل الجزائر وخارجها، وكان يجلس معهم على طعام مختلف ألوانه، ويرتشف معهم أكواب الشاي المنعنع ويحادثهم، ويَعِظهُم، وينصَحُ لهم، ويُمازحهم …
وذات يوم سأل جُلسائه عن وظائفهم فتفاخروا وتَبَاهَوا بما يمتهنون، عدا رجل واحد بقي صامتًا ولم يقل شيئا، فسأله الشيخ مرة ثانية والبسمة على مُحياه ..
وأنتَ ما وظيفتك ؟
فخجل الرجل وطأطأ رأسه ثم قال بجخل وبصوت خافت كأنه الهمس ..
سيدي أنا ” عامل نظافة ”
فقال الشيخ بلهجة متحمسة و بإصرار” كلنا عُمال نظافة ”
جرّاح الأسنان عامل نظافة، يقلع الضرس المريضة وينظف السوس من الفم…
والطبيب عامل نظافة، يصف العلاج وينظف البدن مما لحقه من مرض وعلل وسقم…
والمعلم عامل نظافة، يلقن ويعلّم ويُدرس، ويُنظف الرؤوس مما لحقها من جهل وعقم …
والعالم العارف بالله ” عامل نظافة “، يُربي ويعظ ويرشد، وينظف النفوس مما لحقها من شح وإثم
والشرطي عامل نظافة ، يراقب ويفتش ويحقق ويدقق ، ويُنظف المدينة من اللصوص والمجرمين العُتات..
ومستخدم البلدية عامل نظافة ، يكنس ويُنظف الشوارع والأزقة مما بها من أوساخ وقمامات…
بل إن الأنبياء والرُّسل ” عمّال نظافة ” بعثهم الله ليُطهروا الناس من الشرك والكفر والبدع والمعاصي ، ثم قرأ قول الله تعالى في محكم تنزيله : [ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ] ،.
وقرأ قول الباري جل جلاله : [ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ] ورَفَعَ أكف الضراعة إلى الله ، وقال :
” اللهم اجعلنا من عمّال النظافة ، واحشرنا مع عمّال النظافة “
بارك الله فيكم، وجعلكم مشكاة نور لهذه الأمة.
اللهم ارحم سيدي الشيخ بلكبير واجعل مقامه كبيرا عندك بفضل سيد الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو بحق من صلحاء وعلماء الأمة .