السؤال: هل يجوز استعمال اللغة الأمازيغية أثناء خطبة الجمعة؟
الجواب: قال الشيخ خليل في مختصره في بيان شروط صحة الجمعة ما نصه: «وَبِخُطْبَتَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً»، أي يشترط لصحة صلاة الجمعة أن يأتي الإمام بخطبتين، وأن تكون الخطبة قبل الصلاة.
ويؤخذ من قوله: «مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً» أن تشتمل على وعظ، وأن تكون باللغة العربية، وعليه فلا تصح خطبة الجمعة إلا إذا كانت بالعربية، أما لو أتى بها بغير العربية فلا تسمى خطبة.
ولكن ينبغي تقييد هذا الكلام بما إذا أتى بها كلها بغير العربية، أما إذا أتى بها بالعربية وتخللها الشرح والبيان بلغة أخرى مراعاة لحال المستمعين الذي لا يفهون العربية ففيه توسعة وتصح الخطبة، وأقل ما يأتي به بالعربية أن يبدأها بحمد الله تعالى والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يأمر فيها بخير وينهى عن شر ولو فيما قل من الكلام نحو: اتقوا الله فيما أمر، وانتهوا عما عنه نهى وزجر، ويقرأ شيئا من القرآن.
موضوع المسألة: رد وتوضيح في موضوع استعمال اللغة الأمازيغية في خطبة الجمعة.
السؤال: ورد في جوابكم عن حكم استعمال اللغة الأمازيغية في خطبة الجمعة ما أثار بعض الردود من بعض الناس، حتى استغل بعضهم كلامكم ونشره في الفيسبوك ونسب إليكم أنكم قلتم: لا يجوز استعمال الأمازيغية في المسجد، نرجو منكم الرد والتوضيح؟
الجواب: ما جاء في الجواب محل اتفاق بين العلماء، ولم أخرج عما هو مُدَوَّنٌ في كتب أئمة العلم، وقد ذكرت أن خطبة الجمعة لا تصح إلا إذا كانت بالعربية، أما لو أتى بها بغير العربية فلا تسمى خطبة، ومعنى كلامي هذا أنه لا يجوز ترك خطبة الجمعة بالعربية واستبدالها بلغة أخرى، وهذا مما جرى به العمل في أقطار العالم الإسلامي منذ دخول الإسلام إليها، فالمسلمون في روسيا والصين وتركيا وماليزيا وغيرها من البلدان يخطبون يوم الجمعة بالعربية، ويعظمون اللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم، واللغة التي استعملها سيد الخلق أجمعين محمد عليه الصلاة والسلام.
وكذلك كانت الخطبة في مغربنا الإسلامي باللغة العربية وما زال العمل بذلك إلى يومنا هذا، ولم يقم أحد منذ دخول الإسلام إلى شمال إفريقيا باستبدال خطبة الجمعة من اللغة العربية إلى لغة أخرى.
كما أنني ذكرت في الجواب استثناء فقلت: ينبغي تقييد هذا الكلام بما إذا أتى بها كلها بغير العربية، أما إذا أتى بها بالعربية وتخللها الشرح والبيان بلغة أخرى مراعاة لحال المستمعين الذي لا يفهون العربية ففيه توسعة وتصح الخطبة.
ولكن للأسف، هذا الذي قرأ الجواب وأثار تلك الردود، إما أنه لا يعرف القراءة، وإما أنه مغرض ويريد الإثارة ولو بالكذب والافتراء، وأدعو جميع القراء أن يعود إلى فحوى الجواب الذي نُشِرَ في عدد الجمعة الماضي ليتحقق بنفسه، وأنا لم أقل في جوابي أبدا: لا يجوز استعمال الأمازيغية في المسجد.
وهؤلاء الذين أثاروا الموضوع يبدو من فعلتهم هذه إثارة الفتنة بين المواطنين، والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، أو أنهم يعادون اللغة العربية ولا يرضون بها، فلماذا لا يُعْلِنُونَ ذلك للناس؟ هل يخشون من ردود أفعال المجتمع؟ أو هم جبناء لا يقدرون على الإفصاح عن أفكارهم ومعتقداتهم الغريبة عن المجتمع الجزائري؟
إن هذه التصرفات لا تكون إلا من مرضى القلوب الذين باعوا دينهم بدنياهم، ورضوا بالتبعية للاستعمار، ورموا بأنفسهم في أحضان الغربِ، والغرب غير راض عنهم، وحتى لو قبلهم فهم في نظره غرباء، وحتى لو أعطاهم الجنسية فإنه لا يعاملهم كمواطنين أصليين، بل هم مواطنون من الدرجة الثالثة أو الرابعة أو أدنى من ذلك، وصدق الله إذ يقول: «وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ».
وإن هؤلاء الذين أرادوا استغلال الموضوع ولو بالكذب والتزوير لا يمثلون الأمازيغ أبدا، لأن الأمازيغ في تاريخهم الطويل منذ دخول الإسلام إلى شمال إفريقيا اعتنقوا الإسلام واحتضنوا اللغة العربية وجعلوها من مقدساتهم، بل إن هؤلاء الثرثرين المتشدقين لو خيروا بين اللغة الأمازيغية والفرنسية لاختاروا الفرنسية، ولو خيروا بين الجزائر وفرنسا لاختاروا فرنسا، ولا أظن الشرفاء النزهاء يقبلون أطروحاتهم الكاذبة ودعواتهم الهدامة الباطلة، ومازال التاريخ في مراحله الطويلة وفتراته المتعاقبة يكشف عن مثل هؤلاء المندسين، وإن الله يقول في كتابه: «يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ».
والله من وراء القصد.
في ماليزيا يخطبون باللغة المالايوية في جل مساجدهم، فلتتحقق