توفيت أمه وهو رضيع، ثم توفي والده وهو لم يتجاوز السادسة من العمر.
تربى يتيما في أحضان بلدة أجداده منطقة “برج زمورة” المشهورة بكثرة الكتاتيب ووفرة دور العلم، حيث بدأ دراسته الأولى في مسجد ابن فرج أين حفظ ربع القرآن على يد الشيخ العربي كشاط وابنه الشيخ محمد كشاط.
ليتتلمذ بعد ذلك على العلامة الجليل عمر بن أبي حفص الزموري، حيث درس على يده بعض المتون في النحو والفقه والفلك والقراءات، كما تلقى علوم الفلك على يد الشيخ عبد المالك الأخضري.
ودرس بمسجد “بوحيدوس” على يد الشيخ “علي بوبكر” فنهل من العلوم كالعقيدة والنحو وعلم الفلك.
سافر في حدود سنة 1952 إلى تونس لإكمال دراسته بمعهد “منزلة ميم” وهو أحد فروع جامع الزيتونة، حيث مكث هناك حوالي سنة، ودرس على يد العديد من الشيوخ على غرار كل من الشيخ محمد العابد، والشيخ قريسة، والشيخ الفاضل بن عاشور.
عاد بعدها إلى أرض الوطن، حيث تنقل في أماكن عديدة ودرس علوما شتى، ومنها إلى بلدية زمورة مواصلا رحلته الدراسية، فدرس بها ابن عاشر في الفقه والقطر في النحو، ثم توجه الى مدرسة “التوفيق ” في “مدام لافريك”، حيث درس بها مدة عامين.
في سنة 1956 توجه إلى فرنسا وبالتحديد إلى مدينة ليون، لكن بعد 3 سنوات اعتقلته السلطات الفرنسية وزجت به في السجن مدة أربعة أشهر ونقل الى مستشفى السجن وقضى به ثمانية عشر شهرا بعدما اشتد به المرض فكتب رسالة الى وزير الداخلية الفرنسي آنذاك الذي أطلق سراحه.
عاد سنة 1963 الى الجزائر حيث انخرط في سلك التعليم الذي قضى به مدة طويلة، ليتوجه في سنة 1968 إلى كل من تركيا وليبيا من أجل تحضير دبلوم في علم الوثائق وفن المكتبات، حيث ألف كتابه “مخطوطات جزائرية بمكتبات اسطنبول”.
تحصل على شهادة الدراسات العليا في التاريخ التي كان موضوع رسالتها تحقيق مخطوط “التحفة المرضية في الدولة البكداشية”، كما نال شهادة الدكتوراه في الأدب العربي والتي تمحورت حول “المقري وكتابه نفح الطيب”.
وفي مارس 1978 توجه إلى ليبيا للمحاسبة في كتابيه “بدائع السلك” و “الغنية” ، وهناك عرض عليه منصب داعية بفرنسا، من قبل جمعية الدعوة الإسلامية الليبية، فاستجاب للعرض وانتقل إلى باريس ليستمر نشاطه الدعوي إحدى وثلاثين سنة زار خلالها العديد من الدول الأوربية والإفريقية.
وخلال السنوات الأخيرة عاد إلى الجزائر، حيث استقر في مدينة سطيف.
ورغم كبره في السن ومرضه وضعف بصره في الآونة الأخيرة إلا انه كان يسهر إلى ساعات متأخرة من الليل في الكتابة والبحث.
توفي يوم الجمعة الموافق لـ9 نوفمبر 2012، عن عمر يناهز 88 سنة بمنزله المتواجد بحي المعبودة بمدينة سطيف إثر معاناته الطويلة مع مرض الربو، الذي أقعده الفراش لعدة سنوات.
عرف عنه التواضع الشديد والبعد عن الأضواء والانشغال بالدعوة والتأليف رحمه الله.
تنوعت مجالات عمله الفكري بين تأليف وتحقيق وترجمة، وبلغت المؤلفات التي تحمل اسمه قريبا من ستين كتابا، وهذه عناوينها:
المؤلفات:
1- مأساة كتاب في تاريخ الكتاب
2- الثقافة ومآسي رجالها
3- الحكم الشرعي لرؤية الهلال بالأبصار وإبطال نظريات الحساب الفلكي في الصوم والإفطار
4- المقري وكتابه نفح الطيب
5- حياة حمدان بن عثمان خوجة ومذكراته
6- مدينة وهران
7- عبد الرحمن الثعالبي وضريحه
8- مخطوطات جزائرية في مكتبات اسطنبول
9- الدين الإسلامي عقيدة وشريعة
10- التصوف في ميزان الإسلام
11- عباد الرحمن في سورة الفرقان
12- الدعوة الإسلامية والاستعمار والتبشير والصهيونية
13- الربا في ميزان الإسلام
14- الطهارة في ميزان الإسلام
15- الصلاة في ميزان الإسلام
16- الشورى في ميزان الإسلام
17- الجهاد في ميزان الإسلام
18- الإسلام ثقافة واجتهاد وليس بتقليد أعمى
19- تصويب أخطاء المجلس الإسلامي الأوروبي
20- الهجرة من الأقطار الإسلامية إلى الأقطار الإفرنجية في ميزان الإسلام
21- قبس من مولد محمد بن عبدالله وعيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام
22- الحكم الشرعي لزواج المسلم بغير المسلمة وزواج المسلمة بغير المسلم
23- لغة كل أمة روح ثقافتها
24- مقدمة في علوم القرآن وعلوم التفسير
25- من توجيهات القرآن العظيم (تفسير كامل للقرآن الكريم في 7 مجلدات)
26- استخراج العبر والأحكام من حياة محمد عليه الصلاة والسلام
27- الزكاة في ميزان الإسلام
28- الإسراء والمعراج
29- تبديل الجنسية ردة وخيانة
30- دور المسجد في الإسلام
31- مساجد الضرار من جديد
32- فضائح تكشفها فخاخ الديمقراطية في الجزائر
33- مذكرة القضاء
34- كشف الستار (ديوان شعر)
35- الديمقراطية والعلمانية في ميزان الإسلام
36- الإرهاب والأصولية بين الأصالة والابتداع
37- واقع الإسلام والمسلمين بين الردة السياسية والرعاية الشرعية في معيار الإسلام
الترجمات:
38- تعريب مذكرات حمدان بن عثمان خوجة الجزائري (من الفرنسية)
39- تعريب كتاب المرآة لحمدان بن عثمان خوجة (من الفرنسية)
40- تعريب محاضرة (القرآن والعلوم الحديثة) للدكتور موريس بوكاي
التحقيقات:
41- التحفة المرضية في الدولة البكداشية، لمحمد بن ميمون الجزائري
42- بدائع السلك في طبائع الملك، لمحمد بن الأزرق الأندلسي (مجلدان)
43- وشاح الكتائب، لقدور بن رويلة
44- إتحاف المنصفين والأدباء، لحمدان بن عثمان خوجة
45- السعي المحمود في نظام الجنود، لمحمد بن العنابي
46- رحلة الباي محمد الكبير، لأحمد بن هطال الجزائري
47- الغُنية، للقاضي عياض المغربي
48- مقدمة في صناعة الشعر والنثر، لمحمد بن الخوجة الجزائري
49- الاكتراث في حقوق الإناث، لمحمد بن الخوجة الجزائري
50- بهجة الناظر، لعبد القادر المشرفي الجزائري
51- ثلاث رسائل جزائرية في حكم الهجرة، لأحمد الونشريسي والأمير عبدالقادر ومحمد بن الشاهد
52- رسالة الإمام مالك بن أنس إلى الخليفة هارون الرشيد
53- كتاب “كواكب العرفانية وشوارق الأنسية في شرح ألفاظ القدسية” للشيخ الحسين الورتلاني
54- حكمة العارف بوجه ينفع لمسألة “ليس في الإمكان أبدع”، لحمدان بن عثمان خوجة الجزائري
رحم الله الشيخ محمد عبد الكريم الجزائري وأسكنه فسيح جناته.
إن القلب ليعتصر ألما على فقيد الجزائر محمد بن عبد الكريم ، فعلا لا نبي بين قومه. اللهم ارحمه برحمتك التي وسعت كل شيء .