مَن اعترف بوجوب الزّكاة وصدّق بحكمها وقال الزكاة واجبة وركن من أركان الإسلام، وهو يشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله، ويُصلّي مع المسلمين، ويلتزم شريعتهم، ولكنّه يمتنع من إيتاء الزّكاة، فحكمه أنّه يعامل معاملة العُصاة الباغين، وزكاة ماله تؤخَذ منه غصباً، وإن بقتال. ويسمّى المانعون لها ”أهل بغي” يجب قتالهم بقوله تعالى: {… فقاتِلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر الله} الحجرات:.9
ولقد قاتلهم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد وفاته، لمّا منعوا الزكاة، واعتبروهم من أهل الردة، حتّى فاؤوا إلى أمر الله، وتابوا، وأقاموا الصّلاة وأتوا الزّكاة، فكانوا إخوانهم في الدّين.
وقد حقّق العلماء أنّ الصّحابة لم يعتبروهم كفاراً، وإنّما كانوا أهل بغي، ثاروا على الإمام، وعصوا أوامره، وردّوا عماله، ومنعوا الحق.
وقد روى قصة الاختلاف في شأن قتالهم ثمّ الإجماع عليه، أبو هريرة في الحديث الّذي خرّجه مسلم وغيره، قال رضي الله عنه: لمّا توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل النّاس، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
”أمِرتُ أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلاّ الله، فمَن قال لا إله إلاّ الله فقد عصم منّي ماله ونفسه إلاّ بحقّه وحسابه على الله”.
فقال أبو بكر: والله لأقاتلنّ مَن فرّق بين الصّلاة والزّكاة، فإنّ الزّكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدّونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه، فقال: فوالله ما هو إلاّ أن رأيت الله عزّ وجلّ قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفتُ أنّه الحق”.