1 ـ نسبه ومولده:
هو محمد بن امحمد ـ بالفتح ـ بن أحمد مَحَدَهْ.
ولد بقرية “سحبان” التابعة لدائرة “إمِّيهْ وَنْسَهْ” (30 كلم غرب مدينة الوادي) ـ خلال عام 1375هـ/1955م.
كان والده “امحمد” إماما لمسجد القرية، ومجاهدا معروفا خلال ثورة التحرير، كما كان جدّه “أحمد” من كبار أعيان المنطقة وأغنيائها، يمتلك عددا معتبرا من غيطان النخيل، والمئات من الإبل والماشية.
2 ـ نشأته ودراسته:
حفظ القرآن الكريم وبعض المتون الفقهية في مسقط رأسه حيث لقي عناية كبيرة من والديه؛ فنشأ نشأة سوية ملؤها الصلاح والتقوى، وحسن الأخلاق وجميل الذكر.
زاول تعليمه المتوسط بمدينة الوادي بالمعهد الإسلامي (ثانوية بوشوشة حاليا). ودرس المرحلة الثانوية بقسنطينة حيث تحصل على شهادة البكالوريا عام 1974م.
التحق بمعهد الحقوق – جامعة قسنطينة وتخرج بشهادة الليسانس في الحقوق عام 1979م. واصل مسيرته العلمية في المعهد الذي تخرج منه إلى أن نال درجة الماجستير في القانون الجنائي عام 1983م.
وختم مشواره الدراسي بشهادة دكتوراه دولة في العلوم الجنائية من جامعة قسنطينة سنة 1991م بتقدير: مشرف جداً.
وكان موضوع رسالته للدكتوراه: “ضمانات المتهم قي مرحلة التحقيق بين القواعد والتطبيق”، وكانت لجنة المناقشة متكونة من الأساتذة: د. عبد الوهاب لطرش رئيسا، ود. صالح باي محمد الشريف مشرفا ومقررا، و د. المكي دردوس عضوا، و د. عبد الرزاق بوبندير عضوا.
أما أعلى ترقية وظيفية فكانت عام 1996م حيث نال أعلى درجة في سلك التعاليم العالي وهي درجة الأستاذية “أستاذ التعليم العالي”.
3 ـ أعماله ووظائفه:
كانت الانطلاقة العملية للمرحوم في التدريس الجامعي في الموسم 1979 ـ 1980 حيث عمل أستاذا مساعدا متربصا في الأعمال الموجهة لمادة الأحوال الشخصية لقسم السنة الرابعة (السداسي السابع والثامن) في معهد الحقوق والعلوم الإدارية بجامعة قسنطينة.
وفي السنة الموالية تمّ تكليفه بإلقاء المحاضرات في المادة المذكورة أعلاه، كما أشرف على مادة الملتقى للمستوى نفسه. وبقي يدرّس هاتين المادتين إلى سنة 1983 حيث استبدل بمادة الملتقى مادة المدخل للشريعة الإسلامية (تاريخ التشريع ومصادر الشريعة) للقسم السنة الثانية (السداسي الثالث والرابع).
واستمر الشيخ في تدريس المادتين سنوات طويلة إضافة إلى الإشراف عن مذكرات التخرج لقسم الرابعة حقوق.
وفي عام 1992 أضاف إلى مواده في التدريس مادة الحماية الجنائية للمستهلك لقسم الماجستير في القانون الجنائي، إلى جانب الإشراف على الرسائل العلمية في الدراسات العليا.
وواصل المرحوم في أداء مهامه التعليمية بقسنطينة وفق النمط المذكور إلى غاية عام 1997 حيث انتقل للتدريس بمعهد العلوم القانونية بجامعة بسكرة حيث تولى تدريس مادة المدخل للعلوم القانونية لقسم السنة الأولى (السداسي الأول والثاني)، ومادة القانون الجنائي لقسم السنة الثانية (السداسي الثالث والرابع)، وأضاف إليها في العام الموالي مادة الشريعة الإسلامية لقسم السنة الثانية.
كما عين عام 1999 عضوا باللجنة القطاعية الدائمة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي لمدة خمس سنوات.
وفي عام 2000 اختار تدريس قانون الأسرة لقسم السنة الرابعة (السداسي السابع والثامن)، ومادة القانون الجنائي لقسم السنة الثانية (السداسي الثالث والرابع) وبقي وفق هذا المنوال.
هذا، وعمل المرحوم محاضرا مشاركا في فروع القانون المختلفة وفي الشريعة الإسلامية في عدة مؤسسات جامعية، منها: جامعة الأمير عبد القادر(1987 ـ 1994)، جامعة باتنة (1991ـ 1995)، جامعة التكوين المتواصل بقسنطينة (1991 ـ 1994) وبسكرة (1997 ـ 2006)، والمركز الجامعي بالوادي (1998 ـ 2006).
كما اشتغل –رحمه الله- بالمحاماة، فكان محاميا معتمدا لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة، وكانت بداية ممارسته للمهنة في بداية تسعينيات القرن الماضي بمدينة المنيعة، وكان يتنقل أسبوعيا بينها وبين إقامته ووظيفته الأصلية بقسنطينة، ثم افتتح مكتبا بأولاد حمد بالوادي وأصبح يتنقل بين الوادي وقسنطينة.
حوّل عمله التدريسي منذ عام 1997م إلى جامعة بسكرة أستاذاً للتعليم العالي بكلية الحقوق، وتقلّد منصب عميد الكلية فترة ثم استقال مؤثرا الحرية عن التقييد الإداري، واحتفظ برئاسة المجلس العلمي للكلية.
وأسس مخبرا للاجتهاد القضائي 1997 بجامعة بسكرة وعمل مديرا له. كما كان له دور مميز ومحوري في تطوير الكلية وفتح أقسام بها للكفاءة المهنية للمحاماة، وكذا أقسام للدراسات العليا معتمدا على رصيد معتبر من علاقاته العلمية بأساتذة جامعيين من مختلف جامعات الشرق الجزائري وخاصة جامعة قسنطينة التي مكث بها قرابة العشرين سنة.
أسهم في تأسيس معهد العلوم القانونية والإدارية بالمركز الجامعي بالوادي، وعمل أستاذا مشاركا فيه منذ افتتاحه عام 1998 حيث حاضر في: المدخل للعلوم القانونية، القانون الجنائي، المدخل للشريعة الإسلامية، قانون الأسرة.
افتتح أقساما للدراسات العليا في عدة جامعات، كما أشرف على العشرات من رسائل الماجستير والدكتوراه في القانون وفي الشريعة في مختلف جامعات الوطن.
4 ـ فضائله:
إن خصال الدكتور محمد محده ـ رحمة الله عليه ـ أكثر من أن تحصى؛ وقد عرفته عن قرب منذ عام 1992م، وحظيت بإشرافه العلمي في مرحلة الدراسات العليا في الماجستير والدكتوراه فما وجدته إلا وعاء للأخلاق الفاضلة، صدقاً وأمانةً وثقةً لا تعرف حدوداً، ونجدة وحمية للحق ممزوجة ببصيرة الفقيه وحلم العالم.
وكان لا يرد من لجأ إليه خائبا، ولا يبخل بما آتاه الله عز وجل من علم أو جاه أو مال، وقد انتفع به خلق كثير، وعمَّت أفضاله أعداداً لا تحصى ممن يعرفهم وحتى من لا يعرفهم.
كما عرفتُه ـ رحمه الله ـ آية في الذكاء، وحضور البديهة، وكثرة الحفظ، وقوة الذاكرة، والتشبث بعزة النفس، وإجلال العلم ورفع مقامه؛ فلا يتكلم عن فقهاء الإسلام إلا ويعقب: “عليهم الرحمة والرضوان”. وكان شديد التواضع والمبادرة بالسلام والكلام في أي مكان وجد فيه ـ مع الابتسامة الدائمة، كما لا تفارقه في الغالب روح الدعابة.
كما كان رحمه الله شديداً على نفسه بكثرة العمل، بحيث يحرم نفسه حتى من العطل، إلى درجة أنه يقدم دروسه لطلبة الدراسات العليا صبيحة الجمعة. ويقسم الأسبوع مناصفة بين الوادي وبسكرة.
ويمكن إيجاز أهم فضائله في النقاط التالية:
(أ) الذكاء وحضور البديهة
(ب) التواضع ولين الجانب والمبادرة بالسلام
(ج) كثرة الابتسام، وفي الغالب لا تفارقه روح الدعابة
(د) كثرة المحفوظ من النصوص والأخبار وقوة الذاكرة وسرعة الاستحضار.
(هـ) حب العلم وإجلاله وتعظيم أهله
(و) الأنفة وعزة النفس
(ز) الاجتهاد وكثرة العمل
(ح) قوة التأثير وإتقان مهارات التدريس
5 ـ وفاته:
توفي رحمه الله إثر حادث مرور بمنطقة “الحمراية” (100كلم شمال غرب مدينة الوادي) مساء يوم الاثنين 27 صفر 1427هـ الموافق لـ:27 مارس 2006 م. ودفن مساء اليوم الموالي (الثلاثاء) بمسقط رأسه. وقد شيع جنازته المئات من محبيه وعارفيه ورفاق دربه، من قسنطينة وباتنة وبسكرة إلى جانب أهله وذويه وتلاميذه بالوادي. وقد ألقى أ. د. محمد الأخضر مالكي كلمة تأبينية مؤثرة في توديع المرحوم، كما قدم ممثل نقابة المحامين بباتنة كلمة مماثلة.
7 ـ آثاره المطبوعة:
طبعت للمرحوم عدة مؤلفات في الجزائر وليبيا ومصر، والتي منها:
مختصر علم أصول الفقه الإسلامي [الطبعة: 5؛ الجزائر: الشهاب ـ باتنة ـ 1994 م ـ 400 صفحة]
يعتبر هذا الكتاب أول مؤلف يطبع في الجزائر في ميدان علم أصول الفقه الإسلامي الذي بواسطته تستنبط الأحكام الشرعية من أدلتها لتحكم وتنظم أفعال العباد وفق ما ارتضاه خالقهم سبحانه. ولقد تميز هذا الكتاب في عرضه لقواعد علم الأصول ومبادئه بحداثة أسلوب الكتابة ووضوح العبارات والبعد عن التكلف والتعقيد والإجمال؛ لأنه موجه أساساً للباحثين الجامعيين، وليستفيد منه كل مثقف ينشد معرفة أهم جوانب علم أصول الفقه وقواعده العامة. واعتمد المؤلف في معالجة فصول الكتاب على ذكر قواعد علم الأصول، وإتباعها بالدراسة والتحليل الموجز، مع تصدير الكتاب بجملة تعريفات عامة تهيئ الأذهان لتتبع وحدات الموضوع، وتسهل استيعاب ما ورد فيه من مسائل.
الخطبة والزواج “دراسة مدعمة بالقرارات والأحكام القضائية” [الطبعة: 2؛ الجزائر: شهاب 2000 ـ باتنة ـ 1994م ـ 450 صفحة]
كان صدور قانون الأسرة سنة 1984 فتحاً لنافذة كبيرة تطل على شاطئ البحث، وتأخذ بيد محبي الإطلاع والمعرفة إلى التحري والتنقيب عن محتوى النصوص ومستنداتها الشرعية. هذا الأمر حرك في الكتاب مشاعر البحث وأوجد قوة الدفع رغم ما يكتنف هذا الموضوع من صعوبات لعل أهمها انعدام الدراسات والشروح المتعلقة بهذا القانون حديث النشأة. وهكذا جاءت فصول هذا الكتاب تعالج بالشرح والبيان ما ورد في مدونة قانون الأسرة من خلال الرجوع إلى أهم مصادر الفقه الإسلامي والمراجع القانونية المختلفة. وجاءت الطبعة الثانية للكتاب مميزة بما حوته من تعديلات وتغييرات أملتها الاستفسارات والتساؤلات والمعالجات القضائية لكثير من الجوانب المتعلقة بالمنظومة القانونية في مجال الأسرة.
التـركات والمواريـث “دراسة مدعمة بالقرارات والأحكام القضائية” الجزء الأول نظري. [الطبعة: 2؛ الجزائر: شهاب 2000 ـ باتنة ـ 1994 م ـ 332 صفحة]
صدر هذا الكتاب في طبعته الأولى سنة 1982 م عبارة عن دروس موجزة في التركات والمواريث في الشريعة الإسلامية، توخى المؤلف فيها التبسيط وكثرة الأمثلة لتقريب علم الفرائض للطلبة والباحثين، فقد ورد عن النبي r قوله ” تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنها نصف العلم وهو أول علم ينزع من أمتي “.
وقد صرح المؤلف في تقديمه لتلك الطبعة أنه قصد بكتابه المشاركة ولو ببيان الخطوط العريضة للطلاب ولمن يريدون الاطلاع على هذا العلم وخاصة قبل صدور قانون يحكم التركات والمواريث. كما ركز المؤلف أكثر على مذهب الإمام مالك بن أنس لأنه المذهب السائد والمعتمد في الجزائر. وجاءت الطبعة الثانية للكتاب متضمنة عصارة فكر المؤلف وعمله مدة أربعة عشر سنة من التدريس الجامعي لهذه المادة ، معتمداً أكثر على السهولة في العبارة؛ لما لعلم المواريث من خاصية في المصطلحات والألفاظ، كما أبدع المؤلف في جمع ما أمكن جمعه من مسائل في قواعد مبسطة تيسر على الطالب وكذا الموثق أو الفرضي الوصول للحل دون بذل عناء ولا جهد، كما في معالجة مسائل ميراث الجد. ولقد اهتم المؤلف أيضاً بتوضيح وبيان ما يتعلق بمسائل التنزيل التي يكثر خطأ كثير من الموثقين في حسن تطبيقها مما يسبب ضياع كثير من الحقوق.
التركات والمواريث: “الجزء الثاني الجانب العملي والتطبيقي”. [الطبعة: 1؛ الجزائر: شركة شهاب ـ 1990 م ـ 334 صفحة]
تعرض المؤلف في هذا الجزء للجوانب المهمة من الناحية العملية وخاصة القضايا الأكثر انتشارا بالمحاكم. وتم تقسيم الكتاب إلى ثماني مجموعات تضمنت مائة وإحدى عشر [111] قضية محلولة.
رسالة الستر للشيخ الطاهر بن العبيدي (1885 ـ 1968م) تحقيق وتعليق: محمد محده. [الطبعة:1؛ الجزائر: دار البعث ـ قسنطينة ـ 1985 م ـ 144 صفحة]
يعالج هذا الكتاب قضية هامة أولتها الشريعة الإسلامية عناية بالغة، وهي موضوع الستر وما يتعلق به من مباحث؛ في مؤلفه “رسالة الستر” حيث تتبع العلامة الجليل الشيخ الطاهر بن العبيدي جزئيات الموضوع، وأبرزها بما يجعلها جديرة بالدراسة من جديد، وشرح متعلقاتها، وخاصة أن تلك المسائل تعد آنية ضرورية في حياة الفرد المسلم المعاصر الذي ينشد الحكم الشرعي في عدة قضايا تتعلق بالخلوة والمصافحة وحدود العورة، وما إلى ذلك من مسائل فقهية.
سلسلة الكتب القانونية- الجزء الأول: ضمانات المشتبه فيه وحقوق الدفاع من العهد البربري حتى الاستقلال. [الطبعة:1؛ الجزائر: دار الهدى ـ 1991 م ـ 208 صفحة]
يكفي في تقديم الكتاب ما قاله عنه الأستاذ الدكتور مكي دردوس: “هذا الكتاب من أربعة أجزاء في الإجراءات الجزائية مهم جدا، سوف يحتاجه الطالب في دراسته، ويحتاجه المحامي في مهنته، والقاضي في وظيفته، ويحتاجه كذلك الباحث في علوم القانون، لا للاكتفاء به والوقوف عنده؛ فلا ندعي الكمال لأن الكمال لله وحده، وإنما ليختصر به الطريق ويتخذه منطلقا للتصدي إلى جوانب أخرى قد تبدو له في حاجة إلى مزيد من الإيضاح والتوضيح» وقال عن الكاتب:«… عرفت الباحث من خطاه الأولى في الدراسة، ولمست فيه خصالا منذ البداية قلما تتوفر لباحث: طلاقة اللسان إذا تكلم، وسيالة القلم إذا كتب، وثروة لغوية كبيرة في التعبير، واطلاع واسع في القانونين الوضعي والسماوي”.
الجزء الثاني: ضمانات المشتبه فيه أثناء التحريات الأولية. [طبعة دار الهدى بعين مليلة].
الجزء الثالث: ضمانات المتهم أثناء التحقيق. [طبعة دار الهدى بعين مليلة].
الجزء الرابع: ضمانات المتهم أثناء المحاكمة. [طبعة دار الهدى بعين مليلة].
جـرائم الشيـك “دراسة قانونية فقهية مدعمة بالقرارات والأحكام القضائية”. [الطبعة:1؛ القاهرة: دار الفجر للنشر والتوزيع ـ 2004 م ـ 162 صفحة]
يعتبر هذا الكتاب من أحداث ما كتب الدكتور محمد محده ضمن مشروع طموح يهدف إلى معالجة عدد كبير من الجرائم التي استشرى خطرها واتخذت صوراً معاصرة يصعب على الكثيرين رصد مختلف مظاهرها. وإن جرائم الشيك تعد من أكثر الجرائم المالية انتشارًا ووجوداً في الوقت الحاضر؛ وهذا ناتج عن كثرة التعامل بها، وذلك لسهولة نقلها والتنقل بها مع أدائها لخدمات كثيرة قد يصعب نقل الأموال لها إن لم نقل يستحيل.
ومن كتبه المخطوطة:
كيفية معاملة المساجين ـ الحبس الاحتياطي إجراء استثنائي ـ طبيعة الخطبة فقهاً وقانوناً ـ تحقيق رسالة أسباب التيمم للشيخ الطاهر بن العبيدي.
رحم الله شيخنا الدكتور محمد محمده ، وأجزل له الأجر والمثوبة، ونفعنا بعلمه، وبارك في ذريته وحفظهم من كل سوء. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
حضرة الا ستاذ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.اطلعت علي صفحتك وحينها عرفت اسمك ابراهيم تلرحماني من فضلك السؤال هو انت من عائلة الرحماني الاشراف الإدارسة؟ اتمني الرد .. ويسرني انك رجل علم.الله يحفظكم.