المولد والنشأة
ولد الدكتور علي بن محمد في ولاية المسيلة الجزائرية، ولم يكن يتجاوز الحادية عشرة من عمره عند اندلاع الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي عام 1954، نشأ في بيئة عائلية تشبع كل أفرادها بالقرآن الكريم.
الدراسة والتكوين
درس بن محمد في الثانوية الفرنسية الإسلامية في ولاية قسنطينة شرق الجزائر، وذلك بعد أن أصر والده على إرساله إلى تلك المدرسة التي كانت تخصص من ست إلى سبع ساعات لتدريس اللغة العربية.
بعد تخرجه من الثانوية الفرنسية الإسلامية، التحق عام 1962 بطلب منه بجامعة دمشق في العاصمة السورية، وتخرج فيها بشهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها عام 1966.
ومن الطرائف التي رواها بن محمد لبرنامج “الحلقة المفقودة” الذي بث على قناة “الشروق” الجزائرية عام 2013 أنه عند التحاقه بجامعة دمشق أصر على التسجيل لدراسة اللغة العربية، لكن الجزائريين الذين كانوا هناك في بعثة قبله استغربوا من رغبته تلك بحجة أنه جاء من الجزائر التي يحاصر الاحتلال لغتها الأصلية، ويقول إنه تمسك برأيه في النهاية.
كما تحصل بن محمد على الدكتوراه من جامعة الجزائر في الأدب العربي الأندلسي عام 1976، وعلى دكتوراه دولة في التخصص نفسه عام 1987.
الوظائف والمسؤوليات
بعد أن بدأ مشواره المهني بالتدريس في مجال التربية والتعليم بثانويات جزائرية عدة بين عامي 1966 و1970، شغل بن محمد منصب رئيس ديوان وزارة التربية من عام 1970 إلى عام 1977، ومن 1977 إلى 1980 تولى منصب مسؤول الأمانة المركزية في جبهة التحرير الوطني.
وعاد وزير التربية الجزائري الأسبق إلى التعليم في الجامعة من عام 1980 إلى عام 1990، ليصبح وزيرا للتربية عام 1990، لكنه استقال من منصبه بعد ما سمي بفضيحة تسريب أسئلة امتحانات الثانوية العامة (البكالوريا).
وعين بن محمد بمنصب سفير لبلاده الجزائر في القاهرة حتى عام 1994.
التجربة السياسية
يعد بن محمد من بين الشخصيات الجزائرية الوطنية التي كرست حياتها التعليمية والمهنية للدفاع عن الهوية الجزائرية وعن اللغة العربية أمام ما يعرف بالتيار الفرنكفوني والتغريبي الذي يسعى إلى الحفاظ على اللغة الفرنسية وتكريسها أكثر في المجتمع الجزائري، بحجة أن العربية لا تصلح لأن تكون لغة علم وحداثة.
بدأ بن محمد النشاط السياسي وهو لا يزال طالبا في جامعة دمشق، حيث انخرط في الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين، وهو سليل “الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين”، وانتخب أمينا عاما في فرع الجامعة التي كان يدرس فيها، ثم انتخب في مؤتمر الاتحاد عضوا في القيادة العامة.
انتمى هيكليا لجبهة التحرير الوطني، وتولى مسؤوليات مختلفة في هيئاتها منذ عام 1978، وانتخب عضوا في لجنتها المركزية مرتين، وتقلد مسؤولية أمانتها العامة.
أسالت شخصية بن محمد كثيرا من الحبر ومن الجدل بعد تسريب أسئلة اختبارات الثانوية العامة عام 1992، وكان حينها وزيرا للتربية، حيث وصف ذلك الحدث بالفضيحة الكبرى التي مست قطاع التربية والتعليم في الجزائر، وهي الفضيحة التي اضطر على إثرها بن محمد إلى الاستقالة من منصبه، وهو يسميها المؤامرة وليست الفضيحة.
وفي حديث لحلقة من برنامج “بلا حدود” على قناة الجزيرة بثت يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول 2015 ، كشف بن محمد أن تسريب الأسئلة كان “خطة مدبرة” لإجهاض قرار اتخذ في مجلس الوزراء الجزائري يقضي بإدخال اللغة الإنجليزية في مرحلة التعليم الابتدائي إلى جانب اللغة الفرنسية، وقال “إن الموضوع طبخ هنا وهناك” وإنه كان يعني الجزائريين الذين يدافعون عن الفرنسية ويعني فرنسا نفسها.
كما كشف في المقابلة ذاتها عن أنه سبق له وأن استقال من منصبه بعد أن وصف الرئيس الراحل محمد بوضياف في خطاب له المدرسة الجزائرية بالمنكوبة وبأنها تخرج أناسا جهلاء، وأكد أنه قال وقتها للرئيس حرفيا “أرفض أن أكون وزيرا لمدرسة منكوبة”، لكن بوضياف أقنعه بالتراجع عن قرار الاستقالة بعد أن أبلغه بأن صورة المدرسة الجزائرية تقدم له بشكل مغاير عن تلك التي تحدث عنها بن محمد.
عرف عن وزير التربية الجزائري الأسبق أيضا أنه كان من الذين تصدوا بقوة للجنة التي نصبها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لإصلاح المنظومة التربوية عام 2000، أوما تعرف بلجنة علي بن زاغو، إذ قاد ما سمي حينها “تنسيقية المدرسة الأصيلة والمنفتحة”.
كما عارض بن محمد الإصلاحات التي طرحتها وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط، وقال في حديث لصحيفة الخبر الجزائرية في يونيو/حزيران 2014 إن الإصلاحات التربوية كانت مهمتها استهداف اللغة العربية عن طريق مساواتها باللغة الفرنسية، وحذف مادة التربية الإسلامية من المناهج التربوية.
كما أن بن محمد كان قد عارض إيقاف المسار الانتخابي عام 1992، وحذر من العواقب الوخيمة لذلك خلال جلسة لمجلس الحكومة، كما كشف هو نفسه لبرنامج ” الحلقة المفقودة” على قناة “الشروق” الجزائرية.
المؤلفات
يملك بن محمد العديد من المؤلفات الأكاديمية والتربوية والسياسية والاجتماعية من أبرزها:
“معركة المصير والهوية في المنظومة التعليمية”،
و”كتابات مشبوهة..
صفحات مغيبة من تاريخ جبهة التحرير
الوطني”.