الناس أمام الأحداث والمشاريع وقضايا الأمة، بصفة عامة، أصناف:
1- صنف يصنع الحدث أو يشارك في صناعته، لمقاصد معينة، ثم يحسن توجيهه والمحافظة على مساره لتتَحقَّقَ مقاصدُه، ولا ينحرف عن مساره.
[وهذا هو المطلوب الأرقى، والمقصد الأسنى؛ إن كان الحدث مشروعا، والمقصد سليما، والمسلك صحيحا. (وهو احتمال قائم في بعض ما حصل وما يحصل في العالم كله ).وقد يكون كارثةً كبرى على الأمة ؛ إن كان الحدث غير مشروع أو كان المقصد غير سليم، أو كان المسلك غير صحيح. (وهو احتمال قائم – أيضا – في كثير مما حصل ويحصل في العالم كله ) ]
2-وصنف لا يصنع الحدث، إنما صنعه غيرُه (وليّ أو عدوّ، بقصد أو دون قصد) ، وإنما أحسن هو استغلاله لتحقيق المقاصد النبيلة، وإبعاد المقاصد غير النبيلة، أو للتخفيف من الأضرار الناجمة عنه (إن كان فيه أضرار)، أو لتنمية ما فيه من محاسن
(إن كان فيه محاسن) [فهذا أدَّى ما عليه، وبرَّأ ذمته عند الله، إن شاء الله]
3- وصنف ثالث لا يصنع الحدث-أيضا- إنما صنعه غيرُه (وليّ أو عدوّ، بقصد أو دون قصد) وإنما أحسن هو استغلاله لتحقيق المقاصد الخبيثة، ولتمشية مشاريع المجرمين، وما يريده أعداء الإسلام والمسلمين. [فهذا أرضى الناس بسخط الله، فليُبَشَّر بغضب الله وسخط الناس (كما علّمنا سيِّدُ الناس)، وبلعنات الأجيال (كما علمنا التاريخ)]
4- وصنف رابع عاجز عن الفعل الحضاري اللازم، لكن قلبه مع الأمة والمستضعفين، ولا يريد شرا لأحد، وإنما يريد الخير للبلاد والعباد، [فهذا مطلوب منه الدعاء بالخير ، والإسهام بما يستطيع من الخير، وتشجيع أهل الخير، وتثبيط أهل الشر، والمشاركة في مشاريع الخير، وتعطيل مشاريع الشر ، جهد استطاعته ،ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها]
5- وصنف خامس مستعد لأن ينقاد إلى كل داع دون تحرٍّ ولا تثبت، يستجيب لأي دعوة بدافع الحماس أو ردَّات الفعل، [فهذا قد يكون من جنود الخير إذا انقاد لثقةٍ حكيمِ يسوقه معه إلى الخير والعزة والهداية، مراعيا المصالح والمفاسد، ويقود الناس بعلم ووعي، وقد يتحقق به وبانقياده خيرٌ كثير لهذه الأمة .
وقد يكون من جنود الباطل وهو لا يشعر، إذا انقاد لماكرٍ خبيث، يقوده إلى الباطل وهو لا يدري ، وقد يتحقق به شرٌّ مستطير على الأمة، والعياذ بالله .]
وسلامةُ الجميع في التحري، والتثبت، ومشورة الثقات.
6- وصنف آخر غافل لا يبالي بشيء، ولا يهمه إلا سلامة رأسه، ولا يهتم لأمر الأمة في أي شيء، [فهذا نخشى أن لا يسهم في خير أبدا، حتى إذا وصل الخطر إلى بيته ورأسه، فسيكون مستعدا لبيع الأوطان والأعراض بسهولة، من أجل متاع الدنيا الزائل، لأنه عبد من عبيدها، والعياذ بالله، وتاريخ الجزائر وثورتها المباركة خير شاهد على ما أقول]
وبناءً على هذا التصنيف ؛ وتحت راية النصوص وميزان المفاسد والمصالح؛ واستفادة من التجارب التي اكتوى بها إخوانٌ لنا في هذا الزمان الصعب؛ أنصح من كان من أهل القرار، أو من أهل العلم والرأي، أن يتقوا الله في هذه الأمة، وأن يبادروا بقرارات سريعة، ومشاريع هادفة، وتصرفات راشدة، لاحتواء ما يحدث برشد الراشدين، وتوجيهه نحو تحقيق مقاصد العاقلين، وتلبية ما أمكن من طلبات المواطنين، وخاصة طلب العدول عن الترشح (لأنه مطلب جميع العقلاء في البلاد وخارجها، ولا يعقل الإصرار على هذا القرار رغم ما فيه من أضرار) وحلّ هذه المعضلة في القريب العاجل.
وأنصحهم أيضا أن ينتبهوا لما ظهرت بوادرُه من استغلال بعض الجهات لهذا الحراك الجديد، والتجاوب الشبابي معه، لتحقيق مقاصد أعدائنا ، وذلك بتحركات أناس مشبوهين يريدون بيعنا لفرنسا من جديد، ويريدون تمزيقنا إربا إربا، لتسهل السيطرة علينا من جديد، وتنفُذ إرادة غيرنا فينا بأيدينا ، ويفوتوا علينا فرصة الإصلاح المنشود، و يعيدون لنا أيام الصراع، والنزاع، والدماء، والعياذ بالله.
وأنصحهم أيضا أن يبادروا إلى فتح المجال للكفاءات لأن تقود البلاد إلى بر الأمان، وميادين العز، ومجالات التحضر، وأؤكد للجميع أن هذا هو الحل الأمثل لجميع مشاكلنا بإذن الله.
كما أنصح أبناء وطني العزيز- وخاصة من كان له تأثير- أن يجعلوا مصلحة الأمة قبل كل شيء، وأن لا يتسببوا أثناء حراكهم – وهو واقع ملموس – أو مساعيهم للإصلاح، في زعزعة الأمن، مهما كان الأمر؛ لأن الأمن إذا زعزع ؛ ضاع معه كل شيء ، ولن تتحقق مع ضياعه مقاصدُ أحد، إلا مقاصد من يريد بنا شرّاً، وسيتشرّد الشعب في البلاد كما حصل لإخواننا في بلدان كثيرة، والتاريخ القريب خير شاهد، فاعتبروا ياأولي الألباب.
وأنصح من اطلع على هذا التصنيف أن لا يرضى لنفسه أن يكون خارج الأصناف الثلاثة : (الصنف الثاني، والرابع، والقسم الأول من الخامس) .
وأعيذه بالله أن يكون من ( القسم الثاني من الخامس، أو من الصنف السادس)
أما الصنف الأول في قسمه الأول: فلعلّه هو ما قصده رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، بقوله: “الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة” وهو شأن المجدِّدين وكبار المصلحين .
وأما في قسمه الثاني؛ فلعلهم الذين ذكر لله عاقبتهم في الآخرة في القرآن الكريم : ” يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا َقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ”
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.