صاحبتها أكثر من سبع؛ كانت نعم الرفيق ونعم الصاحبة، صبرت عليَّ رغم إسرافي عليها.
حلمت عليَّ رغم شدتي وقسوتي عليها؛ كان ملمسها ناعما، ودما جاريا.
حملتني حيث أردتها وما تأوهت ولا تمنعت ولا أبت.
ضربت بي أكبادها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، بحرا وصحراء.
جابت بي السهول والوهاد والوديان؛ بقدها الوافر؛ ورشاقتها الجذابة، وصمتها الدؤوب.
أحببتها وعشقتها وتصببت بها؛ كيف لا وإنما الحيب للحبيب الأول؛ وكيف لا يكون الحب والهيام؛ وأنا صابحب بكارتها، وجذيلها وفحلها وفارس حلبتها، سابق حافرها؛ ما عرفَتِ الرجال ولم يعرفوها؛ ما رمقت عينها لغيرنا ولا رمقوها.
ما كنت يوما أتصور ان أغدر بها أو أن تغدر بي؛ لكنها الأيام وتقلباتها؛ والأزمان وصروفها.
كنت أرى البكارة في ثلاث: في المرأة، والبيت، والسيارة؛ وظننت وقد تقدم بي العمر، وسارت بي السنون أن الأبكار متيسرة أمورها ويقبلون بكل من يخطب ودهم؛ حتى وصلت سن الكهولة فبحثت جاهدا عن بكر أمتطيها فما قبلت بنا منهم حرة، ولا لانت لنا المطايا؛ وقصارى ما حزناه عنقاء مغرب، وثيب متقلب، فهيهات هيهات أن تظفر بذات العشرين في سن الأربعين؛ وأبعد أن تقبل بك بنت الثلاثين في سن الخمسين.
عشقتها وليس العشق بمحرم، ألفتها والأرواح جنود مجندة، واستئمنتها والأمانة مؤداة؛ حتى جاء الفراق؛ وأي فراق؛ فراق تنحنى له الأعناق، وتذرف له الدموع والمقل، ويجري الحزن في العروق مجرى الدم في الوريد.
هي سنة الله في الآفاق؛ وهل نحن من اهل الأذواق حتى تبسط لنا الأسواق.
هنيئا لمن كنت له عروسة، وليسعد بك من دخلت بيته؛ فانت بركة وأي بركة، ونعمة وأي نعمة؛ ورفيقة وأي رفيقة؛ وصاحبة ودونك انعدمت الصواحب..
ولم يبق في الفؤاد ما أستدر به حزني ولوعتي، وشوقي وتحناني؛ ربنا يعوضنا فيك خيرا ويجعل عزائنا في أمرنا، وصبرنا في لوعتنا، وعوضنا فيما يخلفه علينا
وكتبه العبد الضعيف مكسور الخاطر أبو عبد الله قندوز ماحي الندرومي وحيد حزنه وملتاع وجدانه