الشيخ يزيد علوي رحمه الله تعالى من رجال مدينة بسكرة الذين تركوا ٱثارا طيبة في دنيا الناس فغادروها راضين مرضيين.
و قد عرف الرجل بجهوده الحثيثة في ميدان التعليم و القطاع الديني.
فاعترافا بأفضاله على تلك المدينة و خوفا على اسمه من أن يدرج في مطاوي النسيان ، حررت هذه الكلمة المختصرة عن سيرته و أهمّ محطات حياته العلمية عساها تفي بالغرض و تحظى بالقبول.
هو الشيخ محمد يزيد علوي بن محمود بن بشير.
ولد يوم 5 جانفي سنة 1964م ببلدة جامعة التابعة حاليا لولاية وادي سوف.
و كان الابن الثاني في إخوة يتكوّنون من ثلاثة ذكور و ستّ بنات.
عاش السنوات الأربع الأولى من حياته في مسقط رأسه.
في سنة 1968م غادرت أسرته جامعة و استقرت في مدينة بسكرة.
في هذه المدينة العريقة – عروس الزيبان – تلقى يزيد علوي دراسته بأطوارها الثلاثة ، حيث درس بابتدائية عيسى واعر ثم متوسطة الذكور بشير بن ناصر حاليا ثم ثانوية الحكيم سعدان التي وصل فيها إلى مستوى الثالثة ثانوي.
سنة 1985م التحق بمعهد التكوين الإداري بمدينة بسكرة فدرس فيه مدة عامين ، بعد التخرج عمل في الإدارة نفس مدة التكوين. سنة 1989م انتقل إلى المركز الثقافي الإسلامي بمدينة بسكرة الذي تولى فيه وظيفة ملحق إداري رئيسي مدة خمس عشرة سنة ، غير أنه كلف بإدارة المركز المذكور سنة 2012م .
سنة 1992م تزوّج الشيخ يزيد علوي و أنجبت له زوجته فيما بعد ولدين و بنتا.
في سنة 2007م أعاد يزيد علوي اجتياز امتحان شهادة البكالوريا شعبة آداب و علوم شرعية فنجح في الحصول على هذه الشهادة.
في سنة 2009م واصل دراسته بجامعة محمد خيضر بمدينة بسكرة شعبة علوم اجتماعية.
بعد سنوات الكدّ و الاجتهاد حصل شهادة الليسانس في التاريخ ثم ماستر 2 فيه أيضاً.
و كان موضوع مذكرة تخرّجه: ” حياة و سيرة الشيخ محمد خير الدين (1902-1993م) أحد كبار رجال جمعية العلماء الجزائريين في بسكرة و الجزائر” .
عقب حصول الشيخ يزيد علوي على شهادة التخرج في الجامعة غادر المركز الثقافي الإسلامي و اشتغل في قطاع التعليم حيث تولى تدريس مادة الاجتماعيات (تاريخ + جغرافيا ) في ثانوية الشهيد بولنوار بحي رأس القرية ثم ثانوية الشهيد العربي بن مهيدي بحي بني مرة ، و كلتا الثانويتين بمدينة بسكرة.
منذ سنة 1978م و هو في سنّ الشباب كان الشيخ يزيد علوي ملازماً للمسجد مقبلا على تلاوة القرآن العظيم ، و قد لازمته هاتان الصفتان إلى آخر عهده بالحياة.
و قد عمل سنوات عديدة إماما مكلّفا من مديرية الشؤون الدينية بصفة تطوعية، خصوصا في شهر رمضان الذي يؤم فيه المصلين بصلاة التراويح.
و كان الإقبال عليه متزايداً بسبب إتقانه تجويد القرآن الكريم و تميزه بالصوت النديّ المؤثّر.
و قد عرفته الكثير من مساجد مدينة بسكرة إماما تارة و خطيبا تارة أخرى منها مسجد عمرو بن العاص و مسجد النصر و مسجد سيدي الصحبي ( الصحابي ) القريب من حديقة لاندو ، و في هذا المسجد ذاع صيت الشيخ يزيد علوي في مجال التلاوة خلال صلاة التراويح في ليالي شهر رمضان.
و إلى جانب ما ذكرناه من نشاطات الشيخ يزيد علوي فقد كان في عهد الشباب يهوى فنّ التتمثيل و الإنشاد الأمر الذي دعاه إلى المشاركة في عدة مسرحيات حينما كان ينشط في جمعية أضواء للثقافة و الفنون الدرامية بمدينة بسكرة.
وممّا يذكر له في هذا المجال أنه سافر إلى جمهورية تونس الشقيقة ضمن فرقة مسرحية انطلقت من بسكرة.
ما تميّز به الشيخ يزيد علوي ممارسة الرقية الشرعية من غير اتخاذها حرفة كما يفعل بعض المرقّين.
و كان يباشر أيضا عقود الزواج الشرعية لزملائه و أصدقائه.
كان الشيخ يزيد علوي عضواً في جمعية الإرشاد و الإصلاح ببسكرة ، ثم انتمى أيضا إلى حركة مجتمع السلم في نفس المدينة.
غير أن انتماءه الحزبي لم يمنعه من مخالطة الناس و عقد علاقات وطيدة مع شخصيات أخرى خارج الحزب.
فقد كانت له علاقة كبيرة بالشيخ أحمد خمار (1918-2005م) أحد رجال الزوايا في مدينة بسكرة ، كما أنّه أحد مؤرخيها من خلال كتابه المطبوع : ( تحفة الخليل في نبذة من تاريخ بسكرة النخيل ) .
لم يكن الشيخ يزيد علوي مهتمّا بنشر المقالات طيلة حياته كلّها ، لذلك لم يترك لنا سوى مقالة واحدة كتبها بعنوان: ” الشيخ أحميدة خمار (1918-2005م) فقدان ذاكرة “ نشرتها له مجلة ( بسكرة الأحداث ) التابعة للمجلس الشعبي البلدي ببسكرة في العدد 5 الصادر في ماي 2006م.
كما نشرت له أيضا المجلة الخلدونية ببسكرة في عددها 6 الصادر في دسيمبر 2008م تعقيبا ألقاه في الملتقى الوطني الذي خصصته الجمعية المذكورة للإمام العلامة عبد الرحمن الأخضري ( 920-983هـ ).
و كان ذلك التعقيب برغم قصره جريئا صريحا و قيما في نفس الوقت.
كما أنّ مقالته عن الشيخ أحمد خمار وافية و مفيدة ، و معبرة عن حبّه و وفائه للشيخ المذكور.
توفّي الشيخ يزيد علوي يوم 27 جوان 2020م متأثرا بوباء كورونا عن عمر جاوز 56 سنة ببضعة أشهر.
و قد اكتظّت وسائل الاتصال في الفيسبوك بخبر وفاته مع كثرة إطرائه و شدّة التأسّف لفقده.
و بعد وفاة الشيخ يزيد علوي بحوالي عام و بضعة أشهر تم طبعه رسالة تخرجه في شهادة الماجستير متمثلة في الكتاب الآتي : “الشيخ محمد خير الدين (1902-1993م ) دوره الإصلاحي و نضاله السياسي ” صدر عن دار خيال للنشر و التوزيع بمدينة برج بوعريريج ب بدولة الجزائر في صيف سنة 2021م .
الكتاب يتكون من 132 صفحة استوعبت مقدمة و أربعة فصول مع الخاتمة ، متبوعة بملاحق و قائمة المصادر و المراجع مع فهرس المحتويات.
و تكمن أهمية الكتاب في الشخصية المدروسة فيه و هو الشيخ محمد خير الدين الذي يعد أحد أعمدة الإصلاح الديني في بسكرة و الجزائر ، كما كان أيضا أحد المناضلين و السياسيين المقاومين للاحتلال الفرنسي في عهده الأخير إلى زمن الاستقلال.
رحم الله الشيخ يزيد علوي و جعل ذلك الكتاب في ميزان حسناته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع :
– نبذة عن حياة الشيخ يزيد علوي في صفحتين بقلم إحدى شقيقاته .
– وثيقتان بالإعلام الآلي من إنشاء المترجم له : الأولى تتضمن سيرته الذاتية باختصار شديد ، و الثانية تحوي الشهادات و الوظائف و المساجد التي تطوّع فيها .
– معلومات متوفرة لدى كاتب هذه الترجمة بحكم معرفته و صداقته للشيخ يزيد علوي .