الرئيسية / مقالات و دراسات / دراسات جزائرية / مع التراث الفكري للشيخ أحمد الرفاعي شرفي – الأستاذ الدكتور مسعود فلوسي

مع التراث الفكري للشيخ أحمد الرفاعي شرفي – الأستاذ الدكتور مسعود فلوسي

Print Friendly, PDF & Email

عرفتُ الشيخَ الدكتور أحمد الرفاعي شرفي رحمه الله، عندما كان يأتي إلى مدينة باتنة في الثمانينيات من القرن الماضي، ويلقي دروسا ومحاضرات ويشارك في ندوات في مساجد المدينة، وقد لفت انتباهي تميز تدخلاته بالنظرات الثاقبة والتحليل العميق لواقع الأمة عامة وواقع المجتمع الجزائري بصفة خاصة، وقد قرأت في تلك الفترة بعض أعماله المطبوعة، وكانت عبارة عن جمع وتحقيق لبعض الرسائل والمقالات، مثل “رسالة المسترشدين” للإمام الحارث بن أسد المحاسبي، و”بدعة الطرائق في الإسلام” للشيخ العربي التبسي.

وفي نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، كنت أتابع بعض ما يكتبه في عدد من الجرائد الإسلامية التي كانت تصدر في تلك الفترة، وكانت مقالاته تحذر من المخاطر التي يمكن أن تقع فيها البلاد جراء الأزمة التي دخلت فيها حينئذ.

ولا تزال ترد إلى خاطري جملة قالها في إحدى الحوارات التي أجريت معه، وهي قوله:

(ديمقراطية الحكم شكلية، والمرشح لوراثتها هو المال والسلطان، وليس العلم والأخلاق)، وقد تحققت هذه المقولة بكل تفاصيلها في واقع المجتمع الجزائري، كما هو مُشَاهَد.

تراث متميز

منذ منتصف التسعينيات تقريبا، انكفأ الشيخ أحمد الرفاعي شرفي على نفسه، وابتعد عن الأضواء، ولم يعد يشارك في التظاهرات الفكرية والعلمية، كما لم يعد يكتب في الجرائد والمجلات، حتى نسيه الكثيرون، وظنوا أن الرجل فارق الحياة منذ زمن بعيد.

لكن الحقيقة أن هذه العزلة التي فرضها الشيخ على نفسه، أو فرضت نفسها عليه، بفعل الأحداث التي عاشتها البلاد، وقناعته أن صوت الفكر والعقل لم يعد مسموعا، هذه العزلة كان لها فائدتها وثمراتها، فقد جعلت الشيخ يتفرغ للكتابة والتأليف والإبداع الفكري، وهيأت له فرصة للتأمل والتفكير العميق في حال الأمة العربية المسلمة، وفي حال الجزائر بصفة خاصة.

وقد أثمرت هذه العزلة عددا من المؤلفات والأعمال الفكرية المتميزة التي صدرت للشيخ في السنوات الأخيرة عن دار الهدى في عين مليلة وبعض دور النشر الأخرى، وهي مؤلفات رائدة في مجالاتها، إذ هي، وإن كانت في موضوعات مطروقة، إلا أن الشيخ كتبها بأسلوب متفرد، وجاء فيها بنظرات عميقة ولفتات دقيقة لا نقف عليها في غيرها من المؤلفات التي تشترك معها في موضوعاتها.

رسالة عن “الشعر الوطني الجزائري”

أول ما ألف الشيخ أحمد الرفاعي شرفي رحمه الله، كانت رسالته التي نال بها شهادة دكتوراه الدرجة الثالثة من جامعة الجزائر، سنة 1979، بإشراف الأستاذ الدكتور عبد الله ركيبي رحمه الله، وكانت عن “الشعر الوطني الجزائري من سنة 1925 إلى سنة 1954”.

وقد خرجت هذه الرسالة مطبوعة سنة 2010 عن دار الهدى بعين مليلة في 318 صفحة.

في مقدمة البحث يذكر المؤلف أن ما دعاه إلى اختيار (الشعر الوطني الجزائري) موضوعا للدراسة؛ ما لمسه من اهتمام الشعراء الجزائريين بالأوضاع الوطنية، وعنايتهم بها دون سواها، بما في ذلك إهمال التعبير عن مشاعرهم وحياتهم الخاصة.

وكان المؤلف قد اكتشف هذا الشعر ـ أول مرة ـ عندما كان طالبا في جامعة بغداد، حيث كلفه أستاذه في مادة الأدب الحديث بتقديم بحث عن الأدب الجزائري، ليكتشف ـ وهو يعد هذا البحث ـ أن الشعر الوطني الجزائري لا يقل عن الشعر العربي الحديث تعبيرا عن الأمل والتطلع إلى المستقبل الأفضل، ووعيا بالأوضاع الوطنية والقومية.

وليدرك ـ كذلك ـ أن انصراف الدارسين عن هذا الشعر يعود إلى الحصار الاستعماري الذي كان مفروضا على الجزائر ونهضتها الوطنية والأدبية.

كما تبين له ـ أيضا ـ أن الشعر الجزائري، وإن تعددت مناسباته، إلا أنه يربط دوما ين المناسبات وبين القضية الوطنية.

وقد جاءت الرسالة في مدخل وأربعة فصول.

تناول المؤلف في المدخل دراسة العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية المؤثرة في الشعر الجزائري في المرحلة محل الدراسة، وقد أدرج هذا المدخل تحت عنوان:(صورة الحياة الوطنية خلال الربع الأول من القرن العشرين).

وعالج في الفصل الأول (المفهوم السياسي للوطنية في الشعر وتطوره)، وذلك عبر ثلاث مراحل من النهضة.

ودرس في الفصل الثاني (شعر المناسبات الدينية والثقافية والقومية).

أما في الفصل الثالث، فقد فصل القول في (الشكل الفني للشعر الوطني الجزائري)، حيث أبرز مفهوم الشعر ووظيفته، ووحدته الموضوعية والعضوية، ولغته وأسلوبه، وبناء القصيدة، وأخيرا خصائص الشعر الوطني.

وفي الفصل الرابع والأخير أبرز المؤلف (صلة الشعر الوطني الجزائري بالشعر الوطني العربي).

وفي آخر الرسالة أورد تذييلا جمع فيه تراجم عدد من الشعراء الوطنيين الجزائريين، وهم: محمد العيد آل خليفة، إبراهيم أبو اليقظان، محمد اللقاني ابن السائح، الربيع بوشامة، مبارك جلواح، رمضان حمود، محمد الصالح خبشاش، أبو القاسم خمار، السعيد الزاهري، محمد الهادي الزاهري، المولود الزريبي، مفدي زكريا، أحمد سحنون، عبد الله شريط، عبد الكريم العقون.

مقالات وآراء علماء الجمعية

من الأعمال العلمية الرائدة والمتميزة التي نهض بها الشيخ أحمد الرفاعي شرفي، في حين عجز عن مثلها كثيرون؛ جمعُه لتراث أربعة من أعلام جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وهم المشايخ العلماء: مبارك الميلي، أبو يعلى الزواوي، العربي التبسي، الطيب العقبي، رحمهم الله جميعا.

حيث تتبع الشيخ الرفاعي هذه المقالات في صحف جمعية العلماء وأخرجها للقراء والباحثين الجزائريين، تعريفا لهم بهؤلاء الأعلام وإبرازا لمآثرهم وإحياء لتراثهم الفكري الذي لا زلنا بحاجة إليه.

وقد صدر هذا الكتاب عن دار الهدى بعين مليلة في أربعة مجلدات سنة 2011، وكان الشيخ الرفاعي قد أصدر أحد أجزائه وهو المتعلق بالشيخ العربي التبسي عن دار البعث في قسنطينة، في الثمانينيات من القرن الماضي، وكان بعنوان “مقالات في الدعوة إلى النهضة الإسلامية في الجزائر”، حيث صدر أول مرة في قسمين، ثم صدر في مجلد واحد جامع عن دار اليُمن في قسنطينة، أما بقية الأجزاء فلم تصدر إلا في سنة 2011، كما سبق.

ولم يكن الشيخ الرفاعي في هذه الأجزاء مجرد جامع ومرتب، وإنما كان صاحب رؤية نافذة ونظرات ثاقبة، فقد قدم لكل جزء بمقدمة مطولة عن صاحب المقالات المدرجة فيه، وعن الظروف التاريخية والواقعية التي كتبت فيها تلك المقالات، وعما كان لها من آثار في الواقع العملي للحركة الإصلاحية في الجزائر أيام الاستدمار الفرنسي.

كما أثرى المقالات المجموعة بتعليقات وحواش شرح فيها بعض ملابسات الأحداث المشار إليها في بعض تلك المقالات، إفادة للقارئ ودفعا للبس الذي يمكن أن يحصل له عند قراءتها.

القرآن الكريم نور وبصائر وهداية ورحمة للعالمين”

خصَّ الشيخُ أحمدٌ الرفاعيُ شرفي رحمه الله، كتابَ الله عز وجل، بدراسة تحليلية خاصة ومتفردة، صدرت عن دار الهدى في كتاب من 240 صفحة، سنة 2013.

ومع أن هذه الدراسة كانت في الأصل محاضرات ألقيت على طلبة كلية الآداب واللغة العربية في جامعة قسنطينة، إلا أن المؤلف استطاع أن يرقى بها حتى جاءت فريدة من نوعها، ومتميزة ـ في موضوعها ومنهجها ـ عن غيرها من الدراسات التي سبقتها في التعريف بكتاب الله عز وجل (القرآن الكريم)، فلم يشغل المؤلف نفسه بالتعريف بالقرآن من الناحية الشكلية والتاريخية، كما هو الشائع في الكتب التي تؤلف عادة في علوم القرآن، وإنما شغل نفسه بمضمون القرآن وروحه وهدايته، فذلك ما يحتاج المسلمون اليوم إليه أكثر من غيره.

انطلق المؤلف من نقد التصورات الشائعة عن القرآن الكريم في واقع المسلمين، باعتبارها تصورات لا صلة لها بالمعنى الحقيقي للقرآن، ليصل بعد ذلك إلى التعريف الصحيح بالقرآن من خلال تحليل وشرح أسمائه التي ورد النص عليها فيه، وهي: البرهان، النور المبين، البينة، الرحمة، الموعظة، الشفاء، الحق، البصائر.

تناول بالمؤلف بعد ذلك عددا من الموضوعات المتعلقة بالقرآن، بطريقة خاصة وأسلوب متفرد، فتحدث عن: مناسبات نزول القرآن الكريم، العناية بالقرآن، العلوم المستقبلية في القرآن، موضوعات القرآن ومحاوره الأساسية، بنية النص القرآني، قيم القرآن الكريم: التربوية والدعوية والتاريخية والإنسانية والسياسية والمالية والحضارية والجمالية، خصائص القرآن الكريم، الحاجة إلى القرآن، حقوق القرآن الكريم.

هذه الموضوعات كلها تناولها المؤلف رحمه الله بالشرح والتحليل والتفصيل، مستشهدا بآيات من كتاب الله عز وجل، ومبرزا هدايات هذا الكتاب في شؤون الدين والحياة، وخسارة المسلمين ببعدهم عنه وتركهم دراسته والعمل به.

“السيرة النبوية الشريفة دلالات وعبر”

كثيرة هي الكتب التي ألفت عن السيرة النبوية الشريفة قديما وحديثا، إلا أن هذه الكتب أغلبها عبارة عن مطبوعات مكررة، وتكاد تكون نسخا من بعضها البعض.

وليس هناك إلا القليل من الكتب المعاصرة التي يمكن اعتبارها دراسات جديدة ومتميزة في السيرة النبوية.

ضمن هذه الزمرة من المؤلفات المتميزة يمكن أن ندرج هذا الكتاب الذي ألفه الشيخ أحمد الرفاعي شرفي رحمه الله بعنوان: “السيرة النبوية الشريفة دلالات وعبر”، والذي صدر عن دار الهدى في عين مليلة سنة 2011، ويقع في 224 صفحة.

بدأ المؤلف دراسته للسيرة النبوية الشريفة بنقد المؤلفات والدراسات السابقة في الموضوع، والتي غلب عليها ـ في نظره ـ المنهج الوصفي بدلا من المنهج التحليلي، كما أن من سلبياتها عدم الربط بين السيرة والقرآن الكريم باعتباره المصدر الأساس لفهم مختلف مراحل وجوانب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.

كما أن من السلبيات التي سجلها المؤلف على الدراسات السابقة في السيرة؛ عدم الربط بين سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وبين واقع المسلمين المعاصر.

وقد حرص المؤلف على تلافي هذه النقائص في هذا الكتاب الذي ألفه في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك حين أكد أن سيرة النبي عليه الصلاة والسلام في حاجة إلى قراءة جديدة نابعة من واقع حاجة الإنسانية عامة، وواقع المسلمين خاصة.

وهذه القراءة المطلوبة ينبغي أن ترتكز على التعليل للأحداث والتحليل للظواهر، والاستنتاج للغايات والأهداف بالمقارنة الدائمة بين عصر النبي من جهة والواقع المعاصر من جهة أخرى. وذلك ما عمل المؤلف على تحقيقه من خلال تأليفه لهذا الكتاب.

بدأ المؤلف دراسته بحديث مستفيض عن “الجاهلية” التي كانت سائدة في واقع العرب قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، منطلقا في تحليله من القرآن الكريم، مؤكدا أن الجاهلية نمط حياتي وحضاري عام يقوم على مبادئ ومرتكزات أهمها: نزعة التسلط وصراع المصالح والشهوات، العصبية، الذاتية الطاغية أو الرؤية الفرعونية، التحايل والتزييف والكيل بمكيالين، التلفيق الديني والثقافي والسياسي والغش في المعاملات، العدوانية.

تناول المؤلف بعد ذلك بالتحليل حياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، مؤكدا أنها كانت تتسم بالبساطة والعفوية الخالية من التميز المصطنع، لكن هذه الحياة، على عفويتها وباسطتها، عرفت عددا من الأحداث غير الطبيعية والتي ينبغي للدارس أن يقف عندها ليتبين صلتها بالجاهلية من جهة، وصلتها بنوبته صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى.

والمؤلف في تحليله يطرح تساؤلات يجيب عنها، كما يورد شبهات يكر عليها بالنقض.

وتتوالى بعد ذلك موضوعات السيرة النبوية التي تناولها المؤلف بأسلوب التحليل، تحت العناوين التالية: النبوة في العهد المكي ومحطاتها المهمة، واجبات ووظائف النبوة، الهجرة إلى الحبشة، النبوة في العهد المدني والجبهات الجديدة للصراع، المجتمع الإسلامي في المدينة، جبهات الصراع: المنافقون ـ المشركون ـ اليهود، صلح الحديبية، فتح مكة، غزوة حنين، وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد ختم المؤلف كتابه هذا بكلمات لخصت الهدف الذي ألفه لأجله، وذلك إذ يقول: “إن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم هي حاجة المسلمين في عصرنا وواقعنا، ودواؤهم العقدي والاجتماعي لواقعهم المفلس، وقد آن الأوان لكل مسلم ومسلمة أن يدرك أنه كما لا يمكن عمليا الجمع بين النار والماء، كذلك لا يمكن الجمع بين المصالح والشهوات من جهة والإيمان من جهة أخرى” [ص: 222].

الشيطان عليه اللعنةحقيقته، طبيعته، وظيفته، أفعاله

هذا كتاب طريف في بابه، متميز في طريقة تأليفه وأسلوب كتابته. ومع أن الشيطان وأفعاله ودسائسه ومكائده من الموضوعات القديمة التي تناولها علماؤنا السابقون في رسائلهم ومؤلفاتهم، إلا أن المؤلف رحمه الله تناول الموضوع بأسلوب مختلف وبرؤية معاصرة ترصد واقع المسلمين وتكشف عما فعله الشيطان في حياتهم وما أحدثه من تخريب وتفريق وصراعات ونزاعات بينهم، مما أدى إلى تردي أحوالهم وعجزهم عن دفع الأذى والظلم عن أنفسهم وديارهم.

صدر هذا الكتاب عن دار الهدى بعين مليلة، سنة 2013، وجاء في 96 صفحة.

يرى المؤلف أن الصراع التاريخي بين المسلمين، والذي بدأ منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم ولم يتوقف إلى اليوم، مع أن له أبعادا اجتماعية وسياسية وتاريخية، إلا أن أظهر أبعاده هو البعد الإيماني الذي غفل عنه المسلمون وصار مجهولا تماما في حياتهم وغير مفكر فيه بتاتا، مع أنه الأصل والأساس.

فالمسلمون في غمرة اشتغالهم بالصراعات السياسية، وتهارشهم على الدنيا وإقبالهم عليها، نسوا مكائد الشيطان ودسائسه، مع أن الله عز وجل حذرهم منه في قوله تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً) [فاطر: 6].

من هنا رأى المؤلف أهمية البحث في موضوع الشيطان، منطلقا من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

وقد جاءت موضوعات الكتاب كما يلي: حقيقة الشيطان، خصائص الجن، طبيعة الشيطان، علاقة الشيطان بالإنسان ووظيفته، وظيفة الشيطان، طبيعة الإنسان ووظيفته في الدنيا، أفعال الشيطان، ساحات وميادين نشاط إبليس عليه اللعنة: الساحة العقدية والفكرية، الساحة السياسية، الساحة الاجتماعية، الساحة المالية والاقتصادية، الساحة الأخلاقية، ساحة السحر والشعوذة.

وقد تناول المؤلف هذه الموضوعات بأسلوب تحليلي دقيق، اعتمد التأمل والنظر وتحريك العقل والاستناد إلى النصوص القرآنية والنبوية، ولم يكن تناوله وعظيا نظريا قائما على استثارة العاطفة وتحريك الوجدان فقط، كما هو الحال في كثير من الكتابات التي تناولت مثل هذا النوع من الموضوعات.

وبعد عرض وتحليل هذه الموضوعات، انتهى المؤلف في خاتمة الكتاب إلى “أن قضية إبليس ليست عقدية أو شرعية فحسب، إنما هي قضية نمط حضاري كوني بدأ مع فجر الحياة البشرية، ويقوم على مرتكزات: عبادة الشهوة والمصلحة، وعبادة النفس والهوى، بدل عبادة الله عز وجل، بكل مقتضيات هذه المرتكزات ومظاهرها: من الفسق إلى القتل، إلى الظلم إلى الفساد، إلى كل ما يتناقض مع عبادة الله عز وجل.. الإبليسية ـ في رأي المؤلف رحمه الله ـ قضية إنسانية عامة وليست قضية المسلمين وحدهم..

وذلك ما يوجب على الإنسانية كلها أن تعيد النظر في قضية إبليس لإنقاذ أنفسنا ومستقبلنا، ولن نجد ذلك، ولن نستطيعه إلا بالإسلام (القرآن والسنة)، فهما وحدهما الصراط المستقيم والمنقذ من إبليس وشروره” [ص: 93].

وبعد، فهذه قراءة سريعة في بعض آثار ومؤلفات الشيخ أحمد الرفاعي شرفي رحمه الله، وهي قراءة الغرض منها لفت الانتباه إلى هذه الآثار وإبراز أهميتها، والدعوة إلى قراءتها قراءة متعمقة تستهدف الانتفاع بما تضمنته من تنبيهات وتوجيهات وتحذيرات، حرص المؤلف على تقديمها للقارئ بكل صدق وحب وإخلاص.

وهناك كتب أخرى لم يتسن لي أن أقف عليها عند إعداد هذه المقالة.

وإنه لمن الضروري أن يلتفت الباحثون والدارسون إلى هذه الأعمال العلمية بالعرض والنقد، سواء في مقالات كهذه، أو في بحوث ودراسات أكاديمية ورسائل جامعية.

رحم الله الشيخ أحمد الرفاعي شرفي، وأسكنه فسيح جناته، وتقبل منه أعماله وجهوده، ونفع بها الأمة حاضرا ومستقبلا.

عن عمار رقبة الشرفي

- مجاز في القراءات العشر المتواترة من طريق الشاطبية والدرة. - مجاز في الكتب التسعة بالسند المتصل وبعدد من كتب الحديث الشريف. - شهادة تخرّج في العلوم الشّرعية والعربية من معهد بدرالدّين الحسني بدمشق. - شهادة الدّورة التّأهيليّة للدّعاة. - إجازة تخرج (ليسانس) من معهد الدّعوة الجامعي (فرع دمشق) في الدراسات الإسلاميّة والعربيّة. - ديبلوم ماجيستير في الفقه المقارن (تحقيق جزء من كتاب عيون الأدلّة - للقاضي أبي الحسن علي بن أحمد المالكي البغدادي المعروف بابن القصار (ت :398هـ - 1008م- قسم المعاملات. - مؤسس ومدير معهد اقرأ للقرآن وعلومه، باب الزوار- الجزائر العاصمة http://iqraadz.com/ - المؤسس والمشرف العام على موقع المكتبة الجزائرية الشّاملة http://www.shamela-dz.net/

شاهد أيضاً

جهود المدرسة الإصلاحية الجزائرية في دراسة المصطلح القرآني –تفسير ابن باديس أنموذجًا- الباحث نبيل صابري

تمهيد: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: في ظل الموجات الاستدمارية التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *